كتب شاكر فريد حسن:
منى عادل ظاهر شاعرة نامية ذات نزعة رومانسية، تحمل عذابات الكلمة وتلجأ للغة البوح وتقتحم الصياغة اللغوية المحلقة وتكتب نصها بوجدانها، وهي ذات خصوصية وبراعة كتابية وفرادة ابداعية تتجلى وتتألق بين فضاءات القصيدة ومقامات الشعر والنثر، ومنذ أن ولجت ميدان الابداع الواسع وأنا أرصدها من بعيد وأترصد قصائدها التي تنشر لها بين حين وآخر في الصحف والمجلات والدوريات الثقافية المحلية، وفي كل مرة اقرأ لها نصًا شعريًا أو نثريًا أحس أن وراء هذا النص نبضات وخلجات امرأة عاشقة وحالمة وروحًا معذبة، مرهفة، مصفّاة وصافية تبحث بالتياع عن الحب المفقود والامل الضائع.
وقد صدر لمنى ظاهر أعمال أدبية منها : ” شهريار العصر، ليلكيات، طعم التفاح، حكايات جدتي، وأصابع “، وعملها الذي عنونته بـ ” أصابع ” نص أدبي ابداعي وجداني جميل يعبق بعطر الحب والجمال وشذا الحبق والليلك والريحان، ويجمع بين الشعر والنثر، وهو قصيدة حب آسرة وأخاذة، وضاءة بالألم والوجع والبوح الانساني وتزخر برقة العاطفة وصفاء التودد وحرارة الشوق وتتجلى فيها منى ايما تجلٍ وتخرج عن العادي والمألوف. فتكتب بحميمية ودفء وجرأة وصراحة لم نعهدها في ادبنا، وبلغة تعبيرية وايمانية مشحونة بتجربة العشق وحالة الحب والهوى السرمدي التي تسيطر على عالمها وظمأها لعناق وقبل ” من يحيا على قيد الحلم وحافة الواقع”، وتوقها الدائم لمعبودها الساكن في قلبها وروحها الذي اسال شموعه على جسدها، كما تقول، ولا ترتوي كم حبه ابدًا، رغم انه لا يزال في عالم المجهول.
وتتوزع احلام منى ظاهر الانسانية المتوثبة، وزفراتها وآهاتها على مساحة اصابعها وتبدو انسانة جريئة ومتمردة وواثقة، تتحدى التقاليد الاجتماعية السائدة والموروثة وتعبر عن الذات الانسانية المقهورة والمعذبة والمقموعة، وتنقل هموم المرأة وتعلنها بصوت عالٍ وبملء الفم انها كائن بشري لها قلب واحساس وانها تحب وتعشق بقلبها ووجدانها ولا تعرف حدودا ولا قيودا لهذا الحب وانها تذوب وتتعذب وتتألم وتكتوي بنار الوجد ولظى الشوق وحرقة الفؤاد والنوى، وتقدس الحب وتعبده، الحب الذي تتحول فيه الغريزة الى وجدان حيث العطاء والتفاني والذوبان والامتزاج مع الحبيب في روح واحدة وجسد واحد.
واننا نتلمس في ” أصابع ” جمالية رفيعة تمتلكها شاعريتها الدافئة المتمردة داخل النص وفي الحياة على السواء والقدرة الفائقة على تطويع اللغة ومراودة النص واستخدام مهاراتها اللغوية والابداعية في التجلي الشعري والارتقاء والسمو بكتابتها الشعرية والنثرية الفنية، واستطاعت ان تفجر صورها الوانا زاهية جديدة ومعاني منسابة تجعل لها ظلالا على ظلالها.
إن ” أصابع ” منى ظاهر تمتاز بالحس الوجداني والطابع الرومانسي الحالم وجيشان العاطفة الثائرة وتوقد النار المستعرة في جوفها واحشائها ونفسها الشفافة الهائمة، كما تمتاز بالحركة الرشيقة والنعومة والطلاوة وقوة العبارة وجزالة اللغة ودقة التعبير وتماسك النص وبناء الهرم الشعري، وهي تغلف عباراتها بالرمز الشفاف وتتكئ على روافع الابداع وتركز على الصورة الفنية شديدة العمق والتنوع وعلى الموسيقى الشعرية والمستوى اللغوية والفني والرؤى المشفوعة بالحلم الوردي، وتبتعد عن التنميق والتصنع وتحفل نصوصها بضروب البديع من استعارات وتشابيه ناصعة وجناس وطباق.
منى ظاهر علامة جديدة في روضة الشعر المحلي، تمسك بتلابيب الدهشة وتغرف من سحر الكلمات وائتلاف المعاني وتغمرك بدفء وانسياب نصوصها وتفرض عليك ابداعها وتلقي بك في هواجس القلق وفضاء التساؤلات والاحلام.
وفي المحصلة، ” أصابع ” منى ظاهر رشفة عسل للعاشقين والمتيمين وعمل ادبي راقٍ يحرك الوجدان وينعش العواطف ويستدرج المتلقي ويشرع نوافذ الحلم ويزرع حدائق الحب بأزهار الأمل وفرح العطور والطيوب، باللغة النابضة والمنحوتة والعفوية الجميلة والمضمون الانساني الوجداني والصور المدهشة والعبارات النثرية التي تنم عن احساس مرهف وعذاب انساني وعشق روحاني، لمنى اصدق التحيات والتمنيات، ونحن بانتظار المزيد من العطاء الشعري والنثري الجميل والرهيف.