من جديد يعود إلينا الكاتب هادي زاهر، القادم من روابي الكرمل، بكتاب جديد يحمل نكهة خاصة، وهذه المرة مجموعة قصصية بعنوان ” الرقص على الحبال “، بعد أن برز ككاتب يعرف أصول الكتابة الساخرة ” الساتيرا “. وكان قد أصدر في الماضي مجموعة من الكتب في ألوان أدبية مختلفة، منها : الفخ، في مواجهة النص، الطبل والافاعي، أمطار أبابلية، القاتل المجهول، نقطة ضوء، والمغلوبون على أمرهم “.
هادي زاهر كاتب مبدع يعي قضايا مجتمعه ويتفاعل معها ويعايشها وينقل الصور والأحداث من الواقع الاجتماعي الحي، ويسعى إلى تغيير هذا الواقع الذي يعيش في كنفه نحو الأفضل. وفي جُلّ كتاباته يركز على الهم الاجتماعي كمحرك فاعل ومؤثر في توظيفه في بنيته القصصية، وفي هذه المجموعة تبرز قدرته كقاص بارع في التقاط الواقع الاجتماعي، معتمدًا عنصر التشويق والإثارة واللغة القصصية البسيطة التي تناسب وتتلاءم والوعي الثقافي لشخصياته، وتتوظف في وصف وتصوير طبيعة العلاقات الاجتماعية والصراع القائم والدائر داخل المجتمع.
جاءت مجموعة ” الرقص على الحبال ” في مائة واحدى عشرة صفحة، واشتملت على اربع عشر قصة قصيرة كان هادي زاهر قد نشر بعضها في الصحف المحلية، وهذه القصص بمجملها ترصد الواقع الاجتماعي والسياسي والفكري للمجتمع، العربي وتكشف همومه، وتطرح قضايا حياتية ومعيشية واجتماعية واخلاقية لم تعالج من قبل، استوحاها من صميم الواقع اليومي المعاش. ومن أبرز واهم القضايا والمواضيع التي يعالجها هادي زاهر في هذه المجموعة العلل والاوبئة والآفات الاجتماعية المتفشية التي تنخر عظام وجسد مجتمعنا العربي المحلي، كالفساد والحسد والغيرة والرشاوى والنفاق والرياء الاجتماعي الكاذب والمظاهر الزائفة وعمليات الابتزاز والاحتيال والاغراءات المالية في المعارك الانتخابية للسلطات المحلية.
وينجح زاهر في خلق التفاعل بين النص والقارئ وجذبه لمتابعة أحداث قصصه باللجوء إلى أسلوب خاص شفاف وخفيف الروح.
قصص هادي زاهر تسجل لجوانب هامة في مسيرة حياتنا في هذه المرحلة، وتسبر الأغوار القيمة والتطور الاجتماعي الحاصل، وفيها نقد للقيم السلبية السائدة والعادات والتقاليد المتوارثة، وتبوح بالألم الخفي الكامن في نفسه، وتعكس هواجسه الدائمة وقلقه وتوجسه المتواصل جرّاء الوضع الاجتماعي والأخلاقي البائس الذي آل إليه مجتمعنا العربي.