كتب فاتن غطاس:
منذ بداية سنوات السبعينات من القرن الماضي بدأ الحزب الشيوعي وغير الشيوعيين مع ثلة من الوطنيين والناس الشرفاء من أبناء شعبنا، ببناء المؤسسات التمثيلية الوطنية، الجامعة لكافة التيارات وأطياف شعبنا المختلفة. فأقيمت لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية، لجنة الدفاع عن الأراضي، الاتحاد القطري للطلاب الجامعيين العرب، لجنة الطلاب الثانويين العرب (التي كان لي الشرف ان أكون رئيسها الثالث)، رابطة الأكاديميين في الناصرة ومن ثم جبهة الناصرة، ومن ثم تمَّ تشكيل لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية كإطار وحدوي نضالي اجتمعت فيه كافة التيارات السياسية الى جانب منتخبي الجمهور من رؤساء سلطات محلية وأعضاء كنيست وممثلينا في النقابات العمالية، جاء هذا من أجل توحيد صفوف شعبنا ورفع جاهزيته النضالية، من خلال التعددية. كانت هذه هي القاعدة التي مهَّدت الطريق ليوم الأرض عام 1976، الذي كان حدثًا مفصليًّا في تاريخ شعبنا وكان القاعدة التي أقيمت عليها الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتي استطاعت ان تحصل عام 1977 على 51% من المصوتين العرب.
هذا هو النهج الثابت للحزب الشيوعي والجبهة في التعامل مع مختلف أطياف شعبنا، من خلال الاحترام المتبادل ومناقشة الحجة بالحجة، تحديد مساحة الاختلاف والاهم توسيع مساحة الاتفاق وبناء برنامج نضالي ملائم. من خلال هذا الطريق وصلنا الى إقامة القائمة المشتركة عام 2015 بتوحيد الجبهة، الحركة الإسلامية، التجمع والعربية للتغيير، واستمرار العمل مع من لا يخوض انتخابات البرلمان من الحركة الإسلامية الشق الشمالي وأبناء البلد وغيرها في لجنة المتابعة.
لم نفرض في اية مرحلة رأينا بالقوة على أحد وتبوأ الجبهة لرئاسة المشتركة لم يكن مِنّة من أحد، انما مستمدٌّ من قوتها الجماهيرية، دون انتقاص من القوى الأخرى.
وانتخابات رئاسة المتابعة كانت انتخابات ديمقراطية أفرزت عن إعطاء الثقة لإنسان وطني وشيوعي مناضل اثبت جدارته وقدرته على التعامل السياسي مع كافة الأطراف على أساس وحدوي راقي، الى جانب القدرة المهنية في مأسسة لجنة المتابعة وتقوية مؤسساتها وتجنيد كوادر مهنية واسعة تعمل بشكل مستقل في فلكها.
لهذا فإنّ اتهامات “الهيمنة” على هذه الهيئات هو بعيد كل البعد عن الحقيقة، خاصة وانه يأتي من أضعف القوى السياسية على الساحة اليوم.
بالمقابل، نلاحظ منذ فترة طويلة هجوم كبير من سياسيين، كنا معا في الدفاع عن الأقصى، وضد القرار التعسفي بإخراج “الحركة الإسلامية الشمالية” خارج القانون، وسنقف الى جانبهم في اية معركة يستهدف فيها أي جزء من شعبنا، نراهم ينتهزون كل فرصة للهجوم على الحزب والجبهة، يعرضون للخطر وحدة هذا الجزء الحي من الشعب الفلسطيني، بجميع طوائفه الإسلامية والمسيحية والدرزية، هجوم أرعن بشكل شخصي خطير على القيادات المناضلة بمختلف الحجج. كنا اعتقدنا اننا عبرنا مرحلة الخلافات اثناء الحرب على سوريا وان تأييد الدواعش قد ولى بعد انتصار الشعب السوري في الدفاع عن وطنه، لكن على ما يبدو ان هذه القوى التي ترى بأردوغان، عضو حلف الناتو واجير أمريكا وشريك إسرائيل في الصفقات والتحالفات العسكرية المختلفة، يرون فيه مثلهم الأعلى فيفرحون لإجراءاته التعسفية في كاتدرائية “آيا صوفيا” وكأنهم حرروا الأقصى! هذا يعني ان لديهم أجندة وبرنامج لخدمة هذه القوى الرجعية الظلامية في الشرق.
من يترأس لجنة الحريات، لماذا يَستفزه أعضاء الكنيست الجبهويون، والمرأة أولا؟! البارزون بنشاطهم، المستمرون في دفاعهم عن المستضعفين في بلادنا من الفقراء الى الاثيوبيين الى المثليين وغيرهم؟ وهل الدفاع عن هؤلاء المستضعفين يعني الترويج لهم؟ لكي يقوموا بشن حملة عنيفة من على المنابر عليهم؟ ماذا توقعتم ان يكون موقف المطران الوطني من تحويل كاتدرائية الى مسجد؟ لماذا شن هذه الحملة الهوجاء المسعورة عليه؟ اليس هذا في سبيل تفرقة (تفريق وتفتيت وحدة) شعبنا وزيادة التعصب الطائفي فيه؟ هذا ما تريدون الوصول اليه؟ هل مشكلة شعبنا هي نقص المساجد او الكنائس في العالم؟!
هل خدمة اردوغان وآل سعود هي مهمتكم اليوم؟ اليس هذا هو ما يخدم حكومات إسرائيل؟
نعم، وقفنا الى جانب سوريا ضد الاستعمار وهجومه عليها، لم نقف ابدا مع حاكم، بل وقفنا مع الشعوب في حقها باختيار من يحكمها، ننتصر للأقصى وقبة الصخرة وكنيسة المهد ومقام النبي شعيب دون التخلي عن علمانيتنا ومبادئنا، نقف ضد ظلم الاثيوبيين مع اننا كنا ضد هجرة يهود الفلاشا، نقف مع كل المستضعفين ضد الظلم والظالمين، هكذا كنا وسنبقى دون ان يردعنا أحد.
أين أنتم مما يؤلم شعبنا اليوم؟ تسونامي اقتصادي فظيع يأتي به فيروس الكورونا على شعبنا وعلى اليهود أيضا، نسبة بطالة مخيفة في مجتمعنا، معاشات متدنية، مصالح يهددها الاغلاق، وشعبنا يعتمد على المصالح الصغيرة بالأساس، مدارسنا ضعيفة جدا في مواجهة وباء الكورونا، سلطاتنا المحلية على وشك الإفلاس، تهميش السلطات لنا في كافة المجالات حتى فحوصات الكشف عن الفيروس انتزعناها بالقوة، عمليات الهدم مستمرة في كل مكان، عملية ترحيل أهلنا في النقب وغيرها.. ومن القضايا الحارقة التي تقف امامنا وتحرق قلوبنا يوميا، وضحيتها المسلم قبل المسيحي ومع الدرزي، قضية العنف والقتل والجريمة المنظمة التي تحرق الأخضر واليابس في مجتمعنا، أكثر من 50 ضحية منذ بداية السنة، والبوليس يقف موقف المتفرج. هذا الى جانب استمرار الاحتلال ومحاولة شرعنته من خلال عملية الضم لأقسام من الأراضي المحتلة، بعد نقل السفارة الامريكية للقدس.
أين أنتم من كل هذا؟ هذا هو السؤال وهذا هو المحك والامتحان لكل حركة سياسية.
يكفي مهاترات وتهجمات توسع الشرخ وتزيد التشرذم بين أبناء الشعب الواحد، العنف يبدأ بالعنف الكلامي ثم ينحدر للعنف الجسدي. اليوم تجري ملاحقة كل من يخالف رأيكم بكل الوسائل، الى أية هاوية تريدون أن يصل مجتمعنا؟؟
نحن نقول “الدين لله والوطن للجميع “والمطلوب منا ان نقف معا، صفا واحدا، لنواجه جميع القضايا الحارقة لجماهير شعبنا.
المطلوب وحدة جميع الطوائف للدفاع عن مساجد صفد ويافا ومسجد وكنيسة البروة ومقبرة يافا وكافة الأوقاف الإسلامية والمسيحية المستباحة في بلادنا، نحن اول من دافع عنها، فتعالوا لنعمل معا على تحريرها.
مهماتنا الوطنية كبيرة جدا:
مرت سنتان على قانون القومية. علينا ان نعيد فتح المعركة من اجل الغائه وإلغاء قانون كامينتس. الم يحن الوقت لكي يتوحد رؤساء السلطات المحلية العربية ومنتدى السلطات الدرزية في بوتقة نضالية واحدة؟ هل أوامر الهدم (استثنت) الزابود الأشم ورجالاته الاشاوس.
يوميا تخرج في بلادنا المظاهرات الشعبية، الفئات المَوجوعة من الضربات الاقتصادية لهذا النظام العنصري الرأسمالي البشع الذي يقترب من الفاشية والابارتهايد تناهضه، مظاهرات تصرخ ضد الظلم وتطالب بإسقاط حكومة النتن ياهو، هل ممكن ان نقف جانبا متفرجين عليها؟ علينا ان نأخذ العبرة والدرس من انتصار اضراب العاملات الاجتماعيات.
علينا ان نخرج موحدين مع جمهورنا الى الشارع، علينا المشاركة الجماهيرية في كافة المظاهرات في الشارع الإسرائيلي.
تعالوا معا ندلو بدلونا، تعالوا نوظف قوتنا النضالية ضد الظلم وسياسات الافقار، في هذه الأوقات العصيبة.
سنحافظ على وجهة مجتمعنا الفلسطيني المتجذر في وطنه، كمجتمع وطني تقدمي متحرر ومتساو، مجتمع ديمقراطي، الحوار لغته واحترام الرأي الاخر ركيزته.