أكتاف بلا رؤوس
في بلد أنهكه الجهل والجاهلية، أنشأ أحد رجال اﻷعمال محلا لتجارة الزّهور والعطور والهدايا، فشلت تجارته بسبب “الطوش” المحتدمة بين اﻷقارب، حوله إلى تجارة العصيّ والسّكاكين والسّيوف واﻹسعافات اﻷوّليّة…هو يفكّر اﻵن في اقتناء سيّارة إسعاف بعد أن ازدهرت تجارته.
وجع
جلس ذلك الشّيخ السّبعيني، الذي اشتعل كله شيبا، ولم يبق سوى سواد مقلتيه، على حطام بيته يشكو جراحه لتنكة من الصّفيح حوّلها إلى ربابة.
ظاهر وباطن
بكت عليهما العيون، وارتجفت القلوب لهول الحادث المزلزل الذي أودى بحياتهما ،
اختلط لحمهما بحديد السيارة التي كانا يستقلانها،
أعلنا شهيدين، ودفنا بجنازة عسكرية مهيبة،
كان آخر أعمالهما محاولة خطف فتاة محجبة، أوسعا زوجها ضربا حين استمات في الدفاع عنها.
أوراق
هناك حيث إعتدت أن اقضي وقتا ممتعا مع المراجع وأمهات الكتب، أتعرف على إبداع أسلافنا، وأعيش مع عصارة أفكارهم وتجاربهم، شيوخهم وتلاميذهم ،عدت اليوم بعد إنقطاع قصير، صُعقتُ حين رأيت رفوفا زجاجية ،مرصوصة بأحذية لامعة ،من جميع الأنواع والأحجام تحتل المكان.
اعتذار
في ليلة زفافه سمع طرقا عنيفا وشتائم واوامر بفتح الباب بسرعة، قبل أن يتحرّك فجّروا الباب، دخلوا كالمجانين مباشرة لغرفة النوم، كسروا المرايا، قلبوا جوارير الخزائن، مزقوا فراش السرير، بقروا بطن الدّبّ الاحمر الذي أهداه لعروسه، صادروا جهازه المحمول ولملموا بعض الأوراق، ألقوه بعنف ووجهه تجاه الأرض، قيدوا يديه، اقتادوه معصوب العينين، حدث كلّ ذلك بينما عروسه تذرف دموعها بصمت، وترتجف كشجرة في مهب الرّيح، في ظهيرة اليوم التالي ….أزالوا العصابة السّوداء، قابله المحقق بابتسامة صفراء قائلا: آسفون، حصل خطأ يمكنك المغادرة.
أبناء القهر
هو ليس طماعا لكنه وجد فرصة طالما حلم بها وتمناها،كم نظر بحسرة إلى كل شيء جميل خلف ألواح زجاج المحلات الصقيلة…. ملابس ،أحذية رياضية غالية،أجهزة كهربائية ،كل ذلك كان حلما لرجل أسود وأسرته في مجتمع أبيض متعجرف مادي ﻻ يعرف المشاعر، في خضم تلك اﻹحتجاجات الصاخبة،وجد كل شيء مباحا متاحا، شعر كأنه في حلم جميل، حمل كل ما يلزمه وتمنى لو يطير …عاجلته رصاصة، قتلت كل أحلامه إلى اﻷبد.
أرض الرّباط
إلتهم الجدار الظالم أرض الحاجة عائشة، اقتلع أشجار زيتونها الذي اعتنت به كأطفالها، لم تضعف، ولم تذرف دمعة رغم جراح قلبها الغائرة، ابتاعت شتلات جديدة ،زرعتها بالمساحة الضيقة المتبقية بجانب بيتها، روتها بماء آمال طال انتظارها.
لبن
حين كانت تلقمه ثدييها، لم تكن تعلم أنها تُنبت بلبنها لحمَ عدو لها، اكتشفت ذلك متأخرا ،حين صرخ في وجهها كالمارد، وأودعها بيت المسنين بناء على أوامر زوجته.
عمى
كانت مهمته التي كلفه بها شيخه ذو اللحية الشهباء، تفجيرا في قلب العاصمة، لم يدر ما الهدف، ولم يسأل عن النتائج، عاد مهموما، وجد بيته مقفلا،أخبره الجيران أن زوجته قد اصطحبت أطفاله للتسوق، صعق عندما وردت أخبار عاجلة عن قتلى وجرحى في انفجار شديد في أحد أسواق العاصمة المكتظة .
عدالة
ارتعدت فرائص أهل المخيم ،وتسارعت نبضات قلوبهم، حين سمعوا أصوات انفجارات متلاحقة، صعدوا التّلّ المرتفع ،شاهدوا سماء العاصمة يشتعل أنوارا ملوّنة..إنّها احتفالات رأس السّنة، علّق أحدهم وهو ينفث دخان سيجارته بغضب، تفاجأوا في الصّباح بأخبار رفع الدّعم عن رغيف خبزهم بحجّة عجز ميزانيّة الدّولة.