صلاح عويسات: قصص قصيرة جدا

عدالة

ارتعدت فرائص أهل المخيم ،وتسارعت نبضات قلوبهم، حين سمعوا أصوات انفجارات متلاحقة، صعدوا التّلّ المرتفع ،شاهدوا سماء العاصمة يشتعل أنوارا ملوّنة..إنّها احتفالات رأس السّنة، علّق أحدهم وهو ينفث دخان سيجارته بغضب، تفاجأوا في الصّباح بأخبار رفع الدّعم عن رغيف خبزهم بحجّة عجز ميزانيّة الدّولة.

توبة

كانت ترقص متماهية مع الموسيقى، تحرك كل عضلة في جسدها وسط مكاء وتصدية من جمهور يعج بالشهوة، دخان خانق يخلتط برائحة العرق والعطور النسائية، أضواء ملونة تسطع تارة وتخفت أخرى… فجأة تهتز القاعة بكل ما فيها، لتجد نفسها شبه عارية. وسط ركام البناء بين الماء والنار،وأصوات صراخ واستغاثات، وصافرات اﻹسعاف والشرطة….تخيلت لو كانت القيامة.

عصرنة

أولئك الرجال المناصرون للمرأة المؤيدون لحقوقها بشدة، تركزت أعينهم على مفاتن المحاضرة الحسناء ورفيقاتها، وتسابقوا لكسب مودتهن بكل وسيلة.

شفافية

توافدت جحافل المرشحين ومؤيّديهم على القرية، أمطروهم وعودا بجعل قريتهم أرض اللبن والعسل، شريطة أن ينتخبوهم، وعدوهم بنزاهة الإنتخابات وشفافيتها، حين صدرت النّتائج بفوزهم، كانت صناديق قريتهم ما تزال مقفلة تنتظر من يفرز نتائجها.

 

سوء ظنّ

جلس بجانبها في الحافلة، لم تلفتت إليه، كان إهتمامها مركزا في جهازها الذكي، فجأة ألقى برأسه على كتفها، ويده على حجرها،صرخت مذعورة، هرع إليه الرّكاب ليلقنوه درسا في الأدب، أمسكه أحدهم من كتفه وهزّه

 بعنف، تجاوب معه بارتخاء دلّ على أنّه قد فارق الحياة.

 

سراب

تلك المرأة الدّميمة قرّرت أن تنتقم من رجالٍ لم يلقوا إليها يوما نظرة إعجاب، أو كلمة استحسان، جلست ترقب صفحتها على “العالم الإفتراضي” شامتة من أؤلئك الرّجال الذين غدوا يمطرونها بالإعجاب، وكلّ صور الحبّ والإشادة بما يخطه قلمها السّاحر ـ وهي نفسها تعلم أنّها مجرد خربشات تصدر منها كيفما تيسّر، وتسخر من كلّ طلبات الصداقة التي تنهمر عليها من كلّ حدب وصوب، وكل شهادات وألقاب التكريم التي تتلقاها، ذلك كله كان بسبب صورة الغلاف التي وضعتها لصفحتها، صورة غادة حسناء طالما تمنّت أن تكون هي.

 

الخبز الحافي

مدّ بصره من كوة خيمته، ينظربانشراحٍ للقمر بدرا، وافته الخواطر مسرعة، تلحّ عليه بقصيدة ….قطع حبل أفكاره رغيفا خبز سقطا على صدره من نفس كوة القمر.

 

صورة

دخلت الأم لاهثةً، تحملُ صورةً كبيرة، قالت لأبنائها بعد أن علّقتها على صدر البيت،هذا جدُّكم الأكبر، وبدأت تروي لهم عن بطولاته وصولاته وجولاته حتى موته، وأبناؤها يهزُّون رؤوسهم بإعجاب بلغ حدّ التّقديس.

لم يكن البيت كبيرا ولا الصّورة كبيرة ولا الأمّ وأولادها… فالقصّة كلّها دارت في جُحر فأر وأبطالها فئران.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .