مطران العروبة داود تركي (ديوان “ريح الجهاد”)

هتف الكفاحُ وشعبُه الشَّدَّادُ هيَّا على المحتلِّ يا امجادُ

والثَّورةُ الغرِّاءُ اجَّج نارَها حقٌّ تنكَّب عزمَهُ آسادُ

عربٌ على الغُصَّاب هبَّ حماسُهُم وبهم تفرَّد فارسٌ كدَّادُ

هذا الكبوشيُّ استوته عزَّةٌ ما بزَّها بعلُوِّها اطوادُ

مطران قدسِ العُرب جلَّ وفاؤه والبذل وانعدَمَت له اندادُ

فمن العروبةِ روحُهُ وصفاؤها ومن الحقوق سعيرها الوقَّادُ

يحنو على اهلٍ تشرَّد جمعُهم ولأجلهم يرِدُ العذابَ جوادُ

رجلٌ على الكهنوت اضفى صدقه وعليهَ صبَّ سمومَهم فُسَّادُ

قد اخرجَ الدَّجَّالَ برقُ صنيعِهِ وتفلسَفَ استنكارَهُ الحسَّادُ

لكنَّه ماضٍ يدوس بنعلهِ نقدًا تبدَّى جُبْنَهُ النُّقَّادُ

كثُرت مطارينٌ “تُقَدِّسُ” غايةً وفعيلُهم لمبادئٍ اصفادُ

لبسوا السَّوادَ على المسيحِ لنفعِهِم ولِحى السَّوادِ لظالم تنقادُ

قالوا: المسيحُ فقلتُ: اصدقُ رائدٍ راد العدالةَ عزمُهُ وفؤادُ

فلقد دعا للعدل اهلَ زمانه وبنفسه ابتدأ النِّضال سَدادُ

هذا المعلِّم سيِّدٌ متميِّزٌ دُنيا الوفا لنوالهِ شُهَّادُ

اقوالُهُ حِكَمٌ وصوانُ كرامةٍ من معتدٍ بل للسَّلام عمادُ

انسانُ حقٍّ للضَّعيفِ جهودُهُ طبَعَ الزَّمانَ جمالُها ورشادُ

ولبُطرسَ انطلقَت مقولةُ صادقٍ نهيًا لسيفٍ سلَّه الرَّدَّادُ

“من تأخُذ الآنامَ حدَّةُ سيفِهِ يؤخذْ بها ويقطَّعِ المقدادُ”

تبِعوا المسيحَ وخالفوا اقوالَه إلا كابوشي الإبا المِعنادُ

وعلى الحروب سلامُهُ قد حثَّه ضدًّا لها وتقدَّم الشَّدَّادُ

بئسَ المصالحُ للحروب مثيرةٌ با الدِّيانة شنَّها الأوغادُ

ولمجد ظُلاَّمِ الدُّنى ضُعفاؤنا بأسُ العِظامِ وللكتاب مدادُ

مطرانُنا العربيُّ مخلِصُ غايةٍ يرِدُ الخلاص بنهجها الأحفادُ

راعٍ كقُسٍّ في الوفاءِ ليعرُبٍ وبمثلِه رَقِيَ الزَّمانَ إيادُ

حُرِّيَّةُ الأوطانِ راية ثائرٍ عنها تعذَّرَ صرفُهُ وحيادُ

من منبتٍ ربَّى الرِّجال لأمَّةٍ شمخَت لها بمحمَّد الأمجادُ

حَلَبٌ مقامُ الحقِّ مسقظُ رأسهِ فيها يُشعشعُ نورَهُ الرُّوَّادُ

شهمٌ على برد القيودِ حرارةٌ ذابَ الحديدُ لنارها وجمادُ

يشكو ابتزازُ السَّافلين ثباتَهُ ويهابُه سجَّانُه القوَّادُ

يا مُخلص العمرَ المديدَ لشعبه دُم في كفاحِكَ تحتضِكَ بلادُ

عرَّيْتَ زعمًا قد اشاعَ عدُوُّنا يغوي العروبةَ شرُّهُ وزِنادُ

اعوانًه والخائنون مرامُهم شقَّ العروبةِ كُهْنُه ومَفادُ

حيَّاك شعبٌ في الذُّرى راياته خفَّاقةٌ وتصونها الأزنادُ

تعلو القِبابَ كنائسًا ومساجدًا معها القلوبُ ترِفُّ والأكبادُ

شمَخَ الشَّبابُ وعزَّ للبذلِ الوَفي مرآكَ للسِّجنِ الكريهِ تُقادُ

حيَّتكَ من قلبِ الظَّلامِ وقيدِهِ نِسَمٌ تُعاني صبرها الأضدادُ

من كلِّ اديانِ العروبةِ شدَّها وطنٌ وهمٌّ واحدٌ وجهادُ

جمعَ النُّفوسَ على اختلاف مذاهبٍ المٌ ضَوَت لبليغه الأجسادُ

سنظلُّ في درب الكفاحِ بواسلاً حتَّى يتمَّ تحرُّرٌ ومُرادُ

(من ديوان “ريح الجهاد”)

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .