عايدة نصراللـه و” ألوانٌ مِنَ الحُبْ ” بقلم : شاكر فريد حسن

عايدة نصراللـه، ابنة أم الفحم، كاتبة وشاعرة وفنانة تشكيلية،  وناقدة فنية مختصة في الفن متعدد الاتجاهات، تكتب القصة القصيرة والشعر والنقد الفني والمسرحي، وهي حاصلة على شهادة الدكتوراه عن اطروحتها ” تمثلات الجسد في الفن القصصي الفلسطيني”.

وكنا عرفنا عايدة كقاصة من خلال ما كانت تنشره من قصص في مجلتي ” الجديد “، و “الغد” المحتجبتين، في  الثمانينيات. وقد تعرفت عليها شخصيًا عندما عملت بمكتب ” الاتحاد” في أم الفحم، الذي كان يديره المناضل العريق توفيق حصري (أبو الهمام) أمد اللـه بعمره، وكان يعمل فيه ايضًا صديقي العزيز النقابي جهاد عقل، وكثيرًا ما كنا نجتمع في حلقة نتبادل الأفكار والآراء، ونطرح قضايا الثقافة وهموم السياسة والمجتمع.

وسبق وكتبت عن عايدة مقالة نشرت في حينه، على صفحات “الأهالي”، التي كان يرأس تحريرها الشاعر والصحافي القدير المرحوم سالم جبران، ثم كتبت عنها مداخلة نقدية حملت عنوان “عايدة نصراللـه اشراقة الفن القصصي والروائي والرسم بالكلمات على الجسد”، نشرت في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية المحلية والعربية والعالمية.

وكان قد صدر لها  ثلاث مجموعات قصصية هي : ” حفنات” و” أنين المقاهي” و “مهد من ورق الشجر”، ولها رواية بالألمانية عنوانها “عزيزي  من وراء البحار”، وفي مجال النقد الفني والمسرحي والأدبي لها عشرات المقالات الأكاديمية، وشاركت في عدد من المعارض والمؤتمرات المحلية والدولية.

وفي بداية هذا العام 2020 صدر ديوانها الشعري الأول الموسوم “ألوانٌ مِنَ الحُبْ”، ويشتمل على قصائد في الحُب والرومانسية والوطن والسياسة والهموم الإنسانية والقلق الوجودي الحضاري، متشحة بمسحة من الحزن والشجن وفي الوقت نفسه فيها أمل وتفاؤل رغم الألم والوجع الداخلي العميق في داخلها.

وتطفح قصائد الديوان بالتعابير الرومانسية والايحاءات والأبعاد الواسعة والصور الشعرية الجديدة المبتكرة، والأوصاف البليغة، والاستعارات الجميلة، والخيال المجنح، بمنتهى العمق في معانيها وتعابيرها ونزعتها الإنسانية، بأسلوب مدهش، ولغة باذخة ثرية ورشيقة.

ومن جميل ما قرأت لعايدة قصيدة “عتبة الدار”، التي تقول فيها:

على عتبة الدار

خلعت مني المدينة

 موسيقى الجاز

 المسافات

 وقفت عارية

 إلا من عينيك

 ***

 على عتبة الدار

 لاقتني الجدران القديمة

 صيحات الباعة

 أحضان أطفالي

 عيون أمي

 قفز أبي من غفوته المؤبدة

 ومضت عيناه بوجهي

 غامت عيناي

 فوقفت عارية

 إلا من عينيك

 ***

 على عتبة الدار

 سكنتني ضفائر جدتي الضريرة

 أيام

 عبث على صدرها مفتاح الدار القديمة

 واهتز خصرها على شجرة الزيتون

 وزغرد مد لاج البوابة

 لقفتني كل خوابي البيت

 التي تنهدت من فراغها

 من كوابيس عن جن مجهول

 تنطتت في المخيلة

 فرغت الخوابي من الجن

 ومن التنهيدة

 …إلا من عينيك

 ***

 على عتبة الدار

 أطلت الجارات من الذاكرة

 خرجت وجوههن من الطابون

 نفثت حرارتها على الصدور العارمة

 التي توطنتها أحاديث الغزل السري

 سال الزيت من أفخاذهن

 والغسيل المنشور لاح من بعيد

 في أوج صباحات

 التهبت بالعناق

 غادرتني الذكرى

 ذهب العناق

 وخلت الدار إلا من عينيك

 ***

 على عتبة الدار

عايدة نصرالـله شاعرة متمكنة من ادواتها، تملك القدرة على التصوير والتعبير الشعري، تكتب بجرأة قلّ مثيلها في زمن الصمت والرمادة، وتجيد أيصال مغزى قصيدتها ومعانيها للقارئ، ما يمنحها قراءة ممتعة وشائقة.

أجنحتها قوية وثائرة، تطير وتحلّق في الفضاءات التي تريد، إلى حيث المرأة التي لطالما حلمت بها، لا قيود ولا أغلال ولا خطوط حمراء، حيث الأنثى المتحررة، المتمردة، المثقفة الواعية لرسالتها، التي تعشق أنوثتها وتبوح بها بكل ثقة وجرأة.

كلماتها قريبة للقلب والفكر، مؤثرة، تنفذ فينا كرصاصة، وتبحث دومًا عن الذات التي بداخلنا. وهي تقدم في ديوانها مجموعة من الفضاءات الشعرية، تتراوح بين الواقع والحلم. أحيي الصديقة الكاتبة عايدة نصرالـله، وأبارك لها صدور ديوانها ” ألوانٌ مِنَ الحُبْ “، متمنيًا لها حياة زاخرة بالعطاء والأبداع والتألق، ومكللة بالصحة والعافية.

 

 

 

 

 

 

[الرسالة مقتطعة]  عرض الرسالة بالكامل

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .