صوت الصفارة… هادي زاهر

وقف احمد دقيقة حداد عند سماع الصفارة وذلك حداداً على أرواح الأبرياء الذين قتلهم الوحش النازي إبان محاولة سيطرته الدموية على العالم، فكر ان يكمل سيره ولكنه لم يستطع مواصلة السير وسط الجموع الواقفة.. انتظر وقد مرت علية الدقيقة وكأنها ساعات.. تكاثفت عليه الأفكار:

  ولماذا عليَ أن أتضامن معهم في هذه الظروف بالذات.. ماذا عليَ أن أتضامن معهم أنا الضحية قبل أن أذبح.. لماذا عليَ أن أكون جزءًا مما يجري فوق هذا المكان؟!! اتصرف بوحي منه وأنحني أمام القانون الاجتماعي المهيمن على مكان تواجدي.

تأفف احمد وقال لنفسه:

يا لهذه الدقيقة كم هي طويلة.

وعاد يسأل نفسه.

 لماذا عليَّ ان أكون ملتزما في حين أنهم يتمردون على كل القرارات الدولية ولا ينصاعون للشريعة الإنسانية، صحيح أن شريحة كبيرة من اليهود كانوا ضحايا ولكن الحقيقة الموازي هي أن جرائم النازية أدت الى حصد أرواح 50 مليونا من البشر من شعوب وأديان مختلفة، فلماذا تقتصر ذكرى على اليهود، ولماذا تتخذ الصهيونية ووليدتها إسرائيل ذريعة لارتكاب مجازر إرهابية مروعة بحق شعبي، لماذا ثم ارتكبت حروبا توسعية دموية، لماذا تغرس مستوطناتها في ارضنا، لماذا تعتدي على مقدساتنا، لماذا تسن قوانين عنصرية مختلفة لسلب ما تبقى لنا من أراض.. لماذا تحرم شعبنا من تقرير مصيره، ولماذا تواصل استخدام جرائم النازية لابتزاز العالم ماليا وسياسيا، ولماذا أعداد ضحايا النازية اليهود ما زالوا يتكاثرون، هل هذا يأتي لابتزاز العالم أكثر، بعد مرور 75 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية.. لماذا تسعى الى تقليص تعريف من هو اللاجئ الفلسطيني، للوصول الى وضعية تنكر فيها وجود لجوء فلسطيني تمامًا.

تأفف وأضاف:  

لماذا لا ترتفع أصوات الصفارات بمناسبة المجازر التي لحقت بشعبي لتبقى هذه الذكرى متعلقة في أذهان الشرفاء أينما تواجدوا، خاصة وان الاستعمار قتل في القرن الماضي من شعبنا العربي أكثر مما قتل الوحش النازي من يهود.

 لماذا لا نتعلم منهم ونقيم بنفس الطقوس بمناسبة ذكرى المآسي التي حلت بشعبنا، لماذا.. ولماذا.. وقرر احمد أن يواصل سيره ولكن كان صوت الصفارة يخفت رويدًا رويدًا فانطلق وهو يقول لنفسه باستغراب:

كل هذه الأفكار خطرت على بالي خلال دقيقة واحد.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .