الصورة للتوضيح
في بدايات الإعلان عن خطيئة أوسلو في سبتمبر 1993، توافد العديدون من مراسلي الفضائيّات ووسائل الإعلام الأخرى إلى الأراضي الفلسطينيّة، فرافقت بناء على طلب من رابطة الصحفيّين الفلسطينيّين مراسلا للتّلفزيون الإسباني، فقال لي بأنّه يريد أن يقابل فلسطينيّين عاديّين، لأنّ الشّخصيّات السّياسيّة والقياديّة جرت معها مقابلات كثيرة. وعندما دخلنا شارع صلاح الدّين في القدس، وأمام محطّة البريد، مرّ فلّاح مسنّ، يحمل في كلّ واحدة من يديه سلّة بلاستيك فيها بعض الأغراض، والرّجل يطوي طرفي قمبازه بحزامه، عرقه يتصبّب ويمسحه بطرف كوفيّته، فأشار الصّحفيّ الإسبانيّ إليه وقال:
دعنا نقابل هذا الرّجل.
اتّجهت إلى ذلك الرّجل الطّيّب وطرحت عليه السّلام، فردّ التّحيّة بمثلها وهو يبتسم ابتسامة بريئة، ظهر خلفها فمه الخالي من الأسنان، فسألت الرّجل:
هل سمعت يا عمّ باتّفاقات أوسلو؟
فأجاب: نعم سمعت.
فسألته: شو رايك فيها؟
فأجاب بعد أن أنزل السّلتين على الأرض وهو يمسح العرق المصبّب من وجهه:
والله يا عمّي بصفتي فلّاح ما أنا موافق على هالكلام الفاضي.
فعدت أسأله: ليش يا عمّ؟
فأجاب: راحت الأرض يا عمّي، وين نعيش وكيف بعد ما تروح الأرض؟
ثمّ حمل سلّتيه وواصل طريقة.
عندما ترجمت للصّحفي الإسبانيّ ما قاله الرّجل، عقّب قائلا:
هذا الفلّاح البسيط لخّص القضيّة أفضل من كلّ القادة.
31-3-2020