لا حاجة للخوض هنا بأهمية الانجاز الذي حققه شعبنا بحصوله على 15 مقعدا ، فقد استوفى الأمر نفسه والقاصي قبل الداني يعترف بذلك حتى عتاة الصهيونية ما عدا من يريد أن يغطي الشمس بعباءة ، فكل الخارطة السياسية مشغولة اليوم بموقف المشتركة لأنها هي وهي فقط من يحدد رئيس الحكومة وشكل الحكومة القادم .
شعبنا لم يخرج للتصويت بغالبيته سياسيا ،وانما وطنيا راغبا وضع النقاط على الحروف بمسألتين اساسيتين وهما : أننا شرعيون في هذه البلاد ، ونستمد شرعيتنا من كوننا اصحاب البلاد الاصليين ، وشرعيتنا ليست منة من أحد، ولن نرضى ان تكون منة من أحد. والمسألة الثانية والتي لا تقل اهمية، هي الرغبة بالتأثير على مجريات الامور السياسية العامة مستغلين قوتنا البرلمانية غير المسبوقة .
مما لا شك فيه أننا امام مرحلة مفصلية بتاريخ العلاقة بيننا ، وبين الحكومة والحركة الصهيونية عامة، ولهذا يجب دراسة الخطوات واتخاذ التدابير والاحتياطات كي تكون النتائج لصالحنا خاصة وان الأمر معقد, فالخيار المتاح هو بين أكبر عنصري وبين جنرالات الحرب( في ظل توجه عام للمجتمع الاسرائيلي برمته نحو اليمين) وهناك الكثير من مظاهر الفاشية في البلاد ولكن كل هذا لا يعني بأي حال من الاحوال أن نقف على السياج ونقول كلاهما سيئ والامر لا يعنينا ، لان هذا ما يريده نتنياهو أكبر المحرضين علينا .
إنّ اعتماد المشتركة على فكرة التخطيط للمستقبل السياسي يمنحها فرصة لتتعامل بشكلٍ أفضل مع الأمور غير مؤكّدة الحدوث، حيث يمكن إنشاء عدّة خطط للتعامل مع الأحداث المستقبليّة المحتملة؛ وبذلك ستكون مستعدة للتعامل مع أي ظروف صعبة حال حدوثها، بينما يُمكن أن تؤدي الظروف الغامضة إلى إيقاعها بالعديد من المشاكل في حال عدم الاستعداد التام لذلك، ولهذا من الضروري الإلتزام بآلية اتخاذ القرارات لانها ضرورية خاصة وان هناك خلافات في المرجعية والرؤيا المستقبلية ناهيك ان غانتس وجماعته الجنرالات لا يملكون أي تصور مستقبلي .
لفت انتباهي ، من خلالي العمل بالمعركة الانتخابية الأخيرة ان الناس صوتت للمشتركة عن وعي وثقة وعن رغبة جامحة بالتأثير ، والاهم ان غالبيتهم يعون انه لا يمكن انجاز كل شيء مرحلة واحدة وان الانجازات تراكمية وان الوضع معقد جدا ولهذا لم يطالبوا بالدخول للحكومة ولم يطالبوا بهذه المرحلة بعودة آخر لاجئ (بالرغم من الألم في ذلك ) وانما تحقيق مكاسب عينية تبدأ بإسقاط أكبر محرض علينا بشخصه لما في ذلك من رمزية وطنية وسياسية وتحقيق مكاسب مدنية “معقولة” واهمها ما يؤثر جوهريا على حياة الناس اليومية وهو الغاء قانون كامينتس لهدم البيوت ومعالجة قضية العنف المستشري في مجتمعنا ، ومن جانب آخر الإلتزام التام بعدم ضم أي مناطق من الضفة من جانب واحد والتعهد بالعودة لطاولة المفاوضات من أجل السلام .
في هذه المعادلة المعقدة والتي قد لا تمكننا من تحقيق كل اهدافنا “المرحلية ” هناك ضرورة لإدراك القاعدة الشرعية والتي سارية في كل زمان ومكان وحالة سياسية ، اقتصادية واجتماعية وهي : درء_المفاسد_مقدم_على_جلب_المنافع وإسقاط نتنياهو ” المفسدة” مقدم على تحقيق الانجازات مع انه إذا توافق الاثنان تكون النتيجة افضل ، ولهذا واجب الساعة توحيد خطاب المشتركة والتأكيد ان للمشتركة رئيس هو من يمثلها ولا مكان الآن للمناكفة الحزبية ومحاولة اظهار وتأكيد الاجندة الخاصة بكل حزب مع احترامي لجميع الاحزاب المشتركة بالمشتركة والتي كما نسمع تتراوح بين اللهث لدخول الجسم المانع حتى الاعلان عن معارضة هذا الدخول وكل هذا يضر بصورة المشتركة في المشهد السياسي الاسرائيلي ،وأمام ناخبيها، الذين منحوا صوتهم لها لانهم أرادوها ان تمثل مصالحهم بصدق واعتزاز .
امامنا ايام قليلة صعبة ونحن لا نعرف كل تفاصيل ما يحصل في دهاليز المفاوضات الصعبة والمعقدة ولكننا نعرف المسؤولية التاريخية التي تقع على نوابنا في هذه المرحلة ونحن نثق بهم .