حول فيلم ” الحبر الأسود “

كتب : شاكر فريد حسن

حقق فيلم ” الحبر الأسود ” نجاحًا باهرًا منقطع النظير، ولاقى ردود فعل مشجعة وممتازة، بعد سلسلة العروض على خشبة المسرح في أم الفحم وخارجها.

و” الحبر الأسود ” هو فيلم سينمائي من إنتاج مؤسسة القصبة للإنتاج المسرحي والسينمائي في أم الفحم، ومن اخراج مصطفى حسين محاميد. وهو يروي قصة عائلة ثرية مكونة من الأب في الستينات من عمره، له ثلاثة أبناء، وابنة وحيدة مطلقة تقيم معهم.

ويتناول الفيلم قضايا ومسائل اجتماعية متعدد الرؤى في ذات القصة، تتطور وتتصاعد مع مجريات الاحداث وسيرها وتطوراتها. ومن أهم هذه المسائل والقضايا : القهر والظلم الأسري والعائلي والمجتمعي والشراكة الأسرية والميراث وحق المرأة فيه، إضافة للسحر والشعوذة، والطمع والجشع، وكل هذه الظواهر مجتمعة تجد عنوانًا وتجسيدًا لها في الظلم القائم والسائد داخل العائلة وفي المجتمع وتقاليده المتوارثة.

وتتمثل الرسالة الاجمالية للفيلم بانتصار الخير على الشر، والتأكيد على أن الصراعات والمشاكل الداخلية والتناقضات في المجتمع لا تحل بالقوة والعنف والأنانية، وأن العدالة يمكن أن تسود وتتحقق إذا سلكنا ونهجنا سلوكًا واقعيًا عقلانيًا، واعتماد تعاليم وتوصيات ديننا الإسلامي الحنيف، وتوزيع الميراث بالعدل والقسطاس، بعيدًا عن التصرفات الانانية والذاتية والتملك، وضمان حق المرأة، فضلًا عن التربية الحقيقية والتنشئة السليمة الصحيحة للأبناء، وتوارث القيم الاخلاقية الجميلة.

وتلعب دور البطولة في الفيلم الممثلة القديرة والمتمكنة بروين عزب، التي تؤدي دورًا مركبًا جدًا، وهو دور الأم التي لها شغف كبير بالأمومة داخل اسرة متشابكة بالعلاقات والورثة، وتسودها خلافات وصراعات ونفوذ وحالات تملك.

وقد نجحت بروين عزب في تأدية دورها وايصال رسالتها للجمهور على أكمل وجه، باستخدام تقنيات التمثيل التي اكتسبتها من تجاربها السابقة على خشبة المسرح والسينما.

وإلى جانب بروين عزب اشترك في الفيلم كل من الممثلين مصطفى حسين، أحمد سليم (أبو بلال)، وافي فخري زيتاوي، ابراهيم أبو شقرة، بلال محاميد، حمزة محاميد، ابراهيم دسوقي وغيرهم. وقد اتقنوا أدوارهم وعاشوا الحدث والشخصيات والنفسيات بكل تفاصيلها وتقمصوها لأبعد الحدود.

واستطاع مخرج الفيلم اختيار وتوظيف الأبطال والشخصيات المصاحبة بطريقة مدهشة في الابداع السينمائي، فنقلنا من البعد الواقعي إلى البعد النفسي والسيكولوجي لسبر أغوار النفس الإنسانية المتأرجحة بين الخير والشر، والتي تتداخل فيها عوامل تضادية.

وأخيرًا يمكن القول، إذا كان الفيلم السابق ” الحرمان “، الذي انتجته المؤسسة من اخراج مصطفى حسين، قد خلق حالة من الحراك الثقافي الفني السينمائي في أم الفحم والمنطقة، فإن فيلم ” الحبر الأسود “، هو تجسيد فعلي وحقيقي للحدث السينمائي المحلي.

فتحية حب وتقدير للقائمين على مؤسسة ” القصبة ” ولطاقم الفيلم، وأشد على أياديهم، وقدمًا إلى أمام، والمزيد من العطاء في مجال الاعمال المسرحية والسينمائية.

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .