خلود فوراني سرية-
أقام نادي حيفا الثقافي مؤخرا أمسية ثقافية مع الكاتب د. مصلح كناعنة تم فيها إشهار ومناقشة مجموعته القصصية ” بين الذات والوطن” الصّادر عن دار الرصيف للنشر والتوزيع في رام الله.
افتتح الأمسية مؤهلا بالجميع رئيس النادي المحامي فؤاد مفيد نقارة. قدم شكره بعدها للمجلس الملي الأرثوذكسي لرعايته نشاطات النادي. ثم استعرض الأمسيات الثقافية القادمة في المشهد الثقافي داعيا لحضورها.
وقبل بداية برنامج الأمسية، دعى للمنصة الفنانة جانيت بشارة لتقدم شهادات التخرج للطلاب الذين شاركوا بدورة ” براعم الفن” وقد زيّن الأمسية معرض جماعي للوحاتهم الفنية. وقد عبّرت بشارة بدورها عن جزيل شكرها للنادي برئيسه المحامي فؤاد نقارة على إعطائهم منصّة لذلك.
اعتلت المنصة بعد ذلك الشاعرة أميمة محاميد لتتولى إدارة الأمسية فكان لها تقديم أنيق للمحتفى به وإصداره، تقديم يشي بشاعريتها . لا سيما بقصيدة نظمتها و ألقتها على ضوء قراءتها للمجموعة القصصية ” بين الذات الوطن”.
أما في باب المداخلات، فقد قدم د. أليف فرانش مداخلة حول المجموعة بعنوان “من مسلمات الرّفض إلى رفض المسلّمات”. مشيرا فيها إلى أنه من المسلمات أن يصبو الانسان إلى الحرية، إلى الكرامة وإلى قيم تعزز إنسانيته.
آمن كناعنة بمسلّمات آمن بها الفلسطينيّ، و”بين الذات والوطن” صرخة مدوّية تخرق جدار الصمت والعزل. إذ لا يمكن لمواطن أن يحيا بسلام ما دام نصفه مسلوب.
وتابع د. فرانش مشيرًا إلى المحاور التي تناولتها المجموعة شارحا عن كل محمور بإسهاب، منها الضمور أو التقلص، الصراع بين ال أنا وال نحن، بين الذات والمجموع. إضافة لمحاور أخرى.
وأضاف، الانسان الفلسطينيّ هو انسان في المكان الصحيح لكن في الزمن الخطأ. ونوّه للأدب الافتراقي الذي يصرخ ضد الوضع القائم وضد السلطة. أدب لا يداهن ولا يصغر أمام الحاكم. وهذا، بحد قوله، من أسمى أنواع الأدب، وقد وجدناه في “بين الذات والوطن”.
تلته الشاعرة سلمى جبران بمداخلتها بعنوان ” الذات بين الوطن والوطن” تناولت فيها فصولا و مشاهد من قصص المجموعة ك” قصّة بالألوان” ُالتي فيها تحوِّلُ الكلمات إلى مشاعر بالصور والنصّ إلى مشاهدَ دراميّة.
وعن “قصة ثمن البطولة في زمن الهزائم” ذكرت جبران حالة العيشُ في وطن يَخْلَقُ اللا وطن والعيشُ في اللا وطن الذي يَخْلَقُ وَطَنًا، فاستحضرت الشاعر أحمد مطر في قصيدته “يسقط الوطن”:
” نموتُ كي يحيا الوطن! يحيا لِمَنْ؟ … نحنُ الوطن! إن لم يكن بنا كريمًا آمنًا ولم يكن محتَرَمًا ولم يكن حُرًّا فلا عِشنا ولا عاشَ الوطن”!
وختمت، أن هذه المجموعة القصصية هي رواية تستخدم كاميرا الروح والمشاعر والفكر وتتنقَّل بين الأرض والجو والفوق والتحت واليمين واليَسار! تتحدّى الإنسان والزمان والمكان وتتجاوزُهُم… هي أسلوب تصوير درامي بدون أسماء، تتحوّل فيهِ الصورة إلى ذات والذات إلى صورة بالألوان، والمشاعر تتحوَّلُ إلى حَرَكاتٍ يُعبَّرُ عنها بلغةِ الجسد. تتحوّلُ المرأة إلى طيرٍ يبكي ويُغنّي، والرجُل إلى دائرة مُفْرَغَة يدورُ فيها ويصلُ البداية بالنهاية والنهاية بِبِدايةٍ ثانية وثالثة… وفي الحياة يختلطُ الطول والعرض والمسافات والمساحات والأحجام والألوان وتتحوّل مشاهد القصص إلى خيالي واقعي متميِّز.
تلاها المحتفى به د. مصلح كناعنة متحدثا عن كتابة قصصه القصيرة وتجربة المجموعة ومناخها. ثم ألقى قصيدة له بعنوان ” اعتراف الرجل بخطيئته المقدّسة” فتفاعل معها الجمهور.
فتح بعدها باب الأسئلة والنقاش أمام الحضور، وبالصور كان الختام.