الشاعر حبيب شويري شمعة خبت مبكرًا بقلم : شاكر فريد حسن

المرحوم حبيب زيدان شويري من الأسماء الشعرية التي برزت في ميادين الشعر والأدب في بلادنا في أواخر الخمسينات والستينات من القرن المنصرم. عرفناه من خلال ما نشره من أشعار وقصائد في مجلة ” المجتمع ” لمؤسسها وصاحبها الشاعر الراحل ميشيل حداد( أبو الأديب)، وفي كتاب ” الوان من شعر العربية في اسرائيل ” ثم في صحيفة ” الانباء ” المحتجبة.

حبيب شويري من مواليد العام 1936 في كفر ياسيف الجليلية، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوية فيها، بعد ذلك التحق بالجامعة العبرية سنة 1956  وحصل على درجة B.A  في علم النفس والتربية واللغة العربية، وكان قد تقدم للحصول على درجة M.A، ولكن الموت لم يمهله، فقد كان يتربص له وهو في طريق عودته من القدس إلى بلده كفر ياسيف، فدهمه واختطفه من بيننا عام 1976، وتركنا واجمين غير مصدقين.

عمل المرحوم حبيب شويري في حقل التعليم في عدد من المدارس الثانوية، ومعيدًا في جامعة حيفا، ومفتشًا لموضوع اللغة العربية في المدارس الثانوية، ومسؤولًا عن قسم الترجمة في التلفزيون، وانتخب قبل ان تداهمه يد المنون بأسبوعين رئيسًا للجنة مؤلفي الأغنية العربية وملحنيها.

وفي سنة 1967 أصدر حبيب شويري ديوانه الشعري الأول ” شموع “، عن مكتبة النور بحيفا، وصمم علافه الطبيب الشاعر المرحوم سليم مخولي.

كان محررًا في مجلة ” آفاق ” الأدبية، ومن أعضاء أسرة مجلة ” لقاء ” العربية العبرية، وترجم الكثير من الأدب العبري والعالمي إلى العربية، وكان ينشرها بتوقيع ” أديب راوي “، كما وترجم كتاب ” يوميات انا فرانك ” إلى العربية.

كان حبيب شاعرًا مرهف الحس، وانسانًا لطيفًا، متسامحًا ، حييًا، تحلى بكرم الخلق والنبل والصفات الحسنة والمبادئ السامية. وكان يعتد بكل رأي أو ملاحظة، وكثيرًا ما كانت المناقشة تتشعب وتتفرع لتلم بالموضوع من نواح مختلفة، بغية التأكد من تقصي ما يمكن من الحقائق وارتياد ما يبدو من الاحتمالات، وبالتالي انتقاء خير ما في هذه وتلك، للدلالة على تعبير معين او معنى محدد.

طرق حبيب شويري في أشعاره الكثير من الموضوعات، فكتب عن بلده ووطنه، وكتب في الحب والغزل والنسيب، وكتب عن الأم والمرأة وقضاياها وهمومها، وعن العمال والشغيلة، وكتب في الوصف ومحاكاة الطبيعة، وانشد للسلام. ونلمس في قصائده الصدق وحرارة الانفعال والصور الشعرية المترعة بعمق التجربة والخيال الواسع والحس الوطني والطبقي المنحاز لقضايا العاملين، والأسلوب الرشيق المعبر الواضح حد المباشرة.

وإلى جانب دعواته للسلام وأخوة الشعوب، كان حبيب معتزًا بعروبته اعتزازًا اصيلا فيه من الكرم والاحترام والتقدير لبقية القوميات، وهو القائل :

عربي انا وقلبي كبير

           وسع الناس قيمة واحتراما

ليس فرق ما بين جنس وجنس

        ما رضينا الهوان يوما مقاما

انا للخير صبوتي وابتهالي

       وانادي من قلب قلبي السلاما

انما السلم نعمة لشعوب

      تُطلُع الفجر يستفزُّ الظلاما

ومن شعره الطبقي، قوله :

ساعدي الجبار كم شاد وكم اعلى القصورا

وبنى صرحا وطيدا وبيوتا وجسورا

عضلي المفتول كم فجّر في الأرض النهورا

فأحال الفقر حبّات، نباتًا وزهورا 

حبيب شويري شاعر هامس هادئ  واضح الرؤيا، شديد الحساسية المفرطة، كان موضع احترام وتقدير الكثيرين من

أصدقائه وكل من عرفه. لم يشتهر بسبب رحيله المبكر، وبقي في دائرة الظل والنسيان.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .