ماريا أبو واصل زجالة ومغنية شعبية من قرية عرعرة في المثلث الشمالي، عشقت التراث فاحترفت الزجل، ذاع صيتها في أنحاء فلسطين، من خلال الحفلات الغنائية التي أحيتها في المناسبات الوطنية والاجتماعية المختلفة.
ماريا معلمة متقاعدة، بدأت مشوارها مع التراث والفولكلور الشعبي حين كانت على مقاعد الدراسة الجامعية، وقد نما الزجل معها ويعيش بداخلها منذ بواكير حياتها، وكانت تردد الأغاني في الأعراس والأفراح فتطرب قلوب النسوة اللواتي كن يرقصن فرحًا.
تنظم ماريا أبو واصل وتقول الشعر الشعبي، وتنتقي كلماتها ومضامينها من الواقع الحياتي، ومن عمق الوجع والجرح والمعاناة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، ونجحت بأسلوبها السهل الممتنع وغنائها في المناسبات الوطنية أن تلهب الجماهير حماسًا، وخاصة ما اتحفتنا من أغاني الانتفاضة الفلسطينية واستشهاد الطفل محمد الدرة، فجاء شعرها حارًا غاضبًا ملتزمًا بالهم الفلسطيني وعذابات الطفولة الفلسطينية ورمزًا للكفاح والمقاومة.
تتميز حياة ماريا أبو واصل بالتزام الموقف الوطني، والعطاء الفني الغنائي التراثي والابداعي. وكان قد صدر لها في العام 2001 كتاب ” ديوان الغناء الشعبي في منطقة وادي عارة “، ويتضمن عشرات الأغاني الشعبية والوطنية التي تعزز الأدب الشعبي المرتبط بالأرض والوطن والانسان الفلسطيني ووحدة الموقف السياسي الكفاحي الوطني بوجه سياسة الاضطهاد والقهر والبطش السلطوية.
ويتكون الكتاب من قسمين، القسم الاول ما جمعته ودونته بفطرتها وباطلاعها من قوالب لحنية جميلة وبنت عليها من تأليفها وكلماتها العذبة الشجية، عن أحداث ومناسبات حديثة العهد لم تقع في الماضي بالصورة نفسها. وإذا كان الشعراء الشعبيون تغنوا بثورة 1936، وتحدثوا في شعرهم وقصائدهم عام 1948 عن النكبة والتهجير واللجوء والمنفى وخيام اللاجئين، والحنين إلى البيت والأرض والوطن، فإن ماريا أبو واصل وضعت شعرها أمام الجمهور بكل اصرار لتعطيه زخمًا شديدًا وجديدًا في قضية مصادرة أراضي الروحة والألم الذي جرى نتيجة هذه المصادرة، وكذلك التحدي الشعبي البطولي لأهالي أم الفحم ووادي عارة، كما وضعت انتفاضة القدس والأقصى بشقيها الفلسطيني.
بينما يحتوي القسم الثاني من الكتاب على القوالب اللحنية والأغاني الشعبية التراثية التي تداولها ويتداولها الناس في الوسط الشعبي في منطقة وادي عارة، هذه القصائد يتوارثها الناس في مناسباتهم الاجتماعية ويغنونها في مناسباتهم الاجتماعية.
وترى ماريا أبو واصل أهمية التمسك بالأغاني التراثية، وإن إحياء التراث هو واجب ديني وقومي ووطني معًا، فإذا ذهب تراثنا، ذهبت هويتنا، والواجب الوطني يفرض علينا ايصال هذه الرسالة لجميع الناس.
ماريا أبو واصل كتبت وانشدت لانتفاضة الحجر الفلسطيني، والحرية، وشهداء الوطن، والقدس ، وجفرا، وهتفت للوحدة الوطنية، والصمود والمقاومة والرفض والتحدي، وللمناسبات الوطنية والتاريخية، ولكل ما يمس الحياة والمأساة الفلسطينية والكفاح التحرري الاستقلالي الفلسطيني. ولم يكن غناؤها طربًا أو ترفًا، بل عطاءً وطريقًا إلى البذل والتضحية في سبيل القضايا الوطنية والطبقية المصيرية.
وتدل أشعار وازجال واهازيج واغاني ماريا أبو واصل على أنها شاعرة قضية، تؤمن بها وتنافح عنها، كونها قضية عادلة، من خلال أدواتها التعبيرية، ونلمس في نشيدها وقريضها وغنائها مقاومة وتحدٍ ورفض مشروع للاحتلال وبطشه، يطغى بوضوح في مضامينها الوطنية.
فأجمل التحيات للشاعرة والزجالة والمغنية الشعبية ماريا أبو واصل، ونتمنى لها المزيد من العطاء في خدمة شعبنا وقضاياه اليومية، وصيانة تراثنا الشعبي، والحفاظ على هويتنا الوطنية.