تعود معرفتي بالأخت والصديقة موثقة وحارسة تراثنا الشعبي الفلسطيني، فتحية مقاري خطيب (أم مبارك) الى سنوات بعيدة، وذلك من خلال متابعتي لكتاباتها الأدبية في صحيفة “الاتحاد” الحيفاوية العريقة، التي تنم عن حس رهيف وذوق رفيع. وقد نالت اعجابي واستحساني لأسلوبها السلس الانسيابي الشفاف، ولغتها الحية الرشيقة الجميلة المدهشة، وخاصة الاضاءة التي كتبتها عن الأديب يوسف ناصر وكتابه ” ورق ورحيق “. وكنت كتبت عنها مقالة نشرت في حينه بصحيفة ” الاتحاد “، ومطوية بين اوراقي الكثيرة المبعثرة في ادراج مكتبتي.
وكنت ايضًا انتظر صباح كل يوم سبت لأصغي إليها عبر أمواج راديو الشمس في برنامج الأستاذ فهمي فرح، حيث كانت تتحفنا وتجود علينا بالأشعار والأغاني الشعبية وقصص الأمثال الشعبية، وتقدم نماذج مفيدة وممتعة من تراثنا الشعبي، ومن أغاني الاعراس والمناسبات الاجتماعية السعيدة والحزينة والمواسم المختلفة.
فتحية خطيب سيدة الفنون القادمة من قانا الجليل، بلد الرمان كفر كنا، هي شاعرة وأديبة وباحثة في مجال التراث الشعبي الفلسطيني، وايضًا ناشطة اجتماعية وأهلية وعضو في مجلس كفر كنا المحلي، تتمتع بفكر تحرري نيّر بعيد عن التعصب والانغلاق والتحجر الفكري. منذ صغرها بدأ اهتمامها بتوثيق وتدوين الرواية الشفوية الفلسطينية وحفظ الأغاني الشعبية، وهي تعمل بدأب في مجال تعميق الوعي والمعرفة الاهتمام بالتراث وصيانته، لما لذلك من تعميق لروح الولاء والانتماء والحفاظ على الهوية.
وتسعى فتحية خطيب إلى نقل الحكاية والاغنية والمأثور الشعبي للأجيال الفلسطينية المتعاقبة، من خلال المشاركة في الندوات والحلقات الثقافية والأدبية والأمسيات التراثية في مختلف أنحاء البلاد، وعبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة المختلفة، ولها اسهام كبير ودور هام في نشر أغانينا التراثية وتعميق الارتباط بتراثنا بكل تنوعاته وأشكاله.
وإنني إذ أوكد على أهمية دور الأدب الابداعي الشعبي في المسيرة الوطنية الفلسطينية، وضرورة التوثيق والحفاظ عليه من التشويه والضياع، أثمن الدور الذي أدته وتؤديه فتحية خطيب وزميلاتها الباحثات في مضمار التراث والأدب الشعبي، وأتمنى لها المواظبة على جمع وتقديم ما هو جاد وهادف وايجابي من تراثنا، الذي يحمل بين أنفاسه الإبداع الشعبي، وعفوية القول، واستجابة هائلة على اصرار شعبنا بأسره على انتزاع النصر، مع خالص التحيات وأجمل الأمنيات والمزيد من العطاء الذي لا ينضب يا أم مبارك.