نفتالي بينت، وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي، والمسؤول عن مجزرة قانا في 18 نيسان 1996، حيث ذهب ضحيّتها أكثر من 100 قتيل مدنيّ بريء، وأكثر من هذا العدد من الجرْحى، عُيّن قبل أيام قليلة وزيرا للدفاع كي يدافع ويدعم ويُحصِّن بيبي نتنياهو في منصب رئاسة للحكومة. وقبل أن يمضي أسبوع على تعيينه، حقّق أحد أحلامه ، وأشبع شهوته للدم العربي، بعملية اغتيال بهاء أبي العطا، أحد قادة الجهاد الإسلامي في قطاع غزّة، واغتيال ابن وحفيد أحد قادة الجهاد الإسلامي في سوريا، وقتل أكثر من عشرين مدنيا بريئا أيضا. عملية تفوح منها رائحة الانتخابات، الهدف الأول منها دعم نتنياهو في تشكيل الحكومة أو في جولة ثالثة من الانتخابات، إن جرت انتخابات ثالثة. عمليّة عديمة الجدوى أولا لأنها لم تحقّق شيئا عدا عن كونها نوعا من الدعاية الانتخابيّة، وقتل أبرياء، فقط لأنهم عرب.
تُقاس الأعمال، جميع الأعمال، بنتائجها، وخاصة العمليات الحربيّة التي تهدد حياة البشر.
هل كان الدافع للعمليةِ الصواريخُ التي تُطْلَق من غزّة؟ وهل المسؤول عنها بهاء ابو العطا، إذا كان الأمر كذلك، من المسؤول عن الحصار الخانق الذي يدمّر حياة الأجيال في غزّة؟ إن الحصار الخانق لغزة هو السبب لإطلاق الصواريخ، وأيّ شعب يُحاصر بلقمة العيش، بالعمل، تُمنع عنه الأدوية، ويُمْنَع عنه العلاج كما يحاصر الشعب في قطاع غزة، سيطلق أي صواريخ تتوفر لديه، حتى لو كانت أخطر من الصواريخ، وهذا من حقّه
وإذا كان بهاء أبو العطا المسؤول عن إطلاق الصواريخ، مَن يضمن وقف إطلاق الصواريخ بعد اغتيال بهاء أبي العطا؟ ومّن يضمن أن حالة المستوطنات التي تحيط بقطاع غزّة ستكون أفضل بعد اغتيال أبي العطا.
إن المتتبع لعمليات الاغتيال التي تقوم بها إسرائيل منذ زمن بعيد ، يرى أن هذه العمليات لم تغيّر شيئا على أرض الواقع ولم تأت ببديل يتعاطف مع إسرائيل، أيّا كان انتماؤه التنظيمي،
ما هو المكسب الذي حققته إسرائيل من هذه العمليّة؟
لقد تعطلت الحياة في أكثر من نصف مساحة إسرائيل من تل أبيب وحتى جنوب بئر السبع، تعطّلت المؤسسات والمصانع والمكاتب والمواصلات. وألمّ الخوف والهلع بالسكان، لا يمكن لإنسان بسيط مثلي أن يُقدِّر خسارة إسرائيل نتيجة هذا الشلل، حتى وإن كان جزئيّا، شلل سببته هذه العمليّة، وهذه الخسارة لم تغيّر حالة المستوطنات المحيطة بقطاع غزّة’ ولم تقوِّ جيش الاحتلال “الذي لا يُقهر” ولم تضعف تنظيما كتنظيم الجهاد الإسلامي، وهو بالطبع أضعف من حركة حماس التي لم تدخل هذه اللعبة، كما أنّ هذه العملية لن تعفي إسرائيل من الرضوخ، عاجلا أو آجلا، للحلّ النهائي للقضيّة الفلسطينية.
ثمة كثيرة الإشارات التي تشير إلى أن هذه العملية كانت ، لُعْبة انتخابية عديمة الجدوى، إذا ما الذي أدى لاشتعالها؟
والجواب على ذلك يمكن أن يراه مَن لا يرى من الغربال: الشهوة للدم، خاصّة إذا كان الدم دم الفلسطينيين، وإشباع غريزة القتل. وربما تمهيد لعملية أكثر وحشيّة من هذه العملية الانتخابيّة المغموسة بدم الأبرياء. عمليّة فيها قتل اكثر، وتدمير أكثر وكراهيّة اكثر…