كان لي الحوار التالي مع الشاعرة الأستاذة روز اليوسف شعبان، مديرة مدرسة طرعان الابتدائية (د) حول تجربتها الشعرية ومسائل ثقافية وفكرية وتربوية متنوعة.
بداية. من هي روز اليوسف شعبان؟
هي زوجة عبد المجيد شعبان ووالدة هشام وروان وحسام، مدرسّة للغة العربية ومديرة المدرسة الابتدائية د” في طرعان منذ سنة 2013، أدارت قبلها مدرسة الرينة “أ” لمدة ست سنوات، وقبل الإدارة عملت مُدرّسة للغة العربية في المدرسة الابتدائية “أ” في طرعان، ومرشدة لوائية في لواء الشمال لطرق التدريس في الوسط العربي، كما ركّزت الخطة الخماسية في لواء الشمال، حاصلة على اللقب الأول في اللغة العربية وتاريخ الشرق الأوسط من جامعة حيفا، واللقب الثاني في موضوع التربية من جامعة حيفا، وتُعد رسالة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها في جامعة تل أبيب بتوجيه الأستاذ بروفيسور غنايم، موضوع الرسالة: ” المنفى والاغتراب في روايات غالب هلسا”، تنبذ العنف في جميع أشكاله، تؤمن بالمحبة والعطاء والسلام، وتساهم في ترسيخ هذه القيم في نفوس طلابها ومجتمعها، وهي ناشطة في جمعية سلام من أجل شعوب العالم والتي مقرّها في اليابان.
حدثينا عن تجربتك الشعرية، عن البدايات، هل لقيت تشجيعًا، وممّن؟
خلال دراستي في المراحل الابتدائية والثانوية كنت أكتب النصوص النثرية، الخواطر، والقصص القصيرة، وبعض المحاولات في كتابة الشعر، وكان أساتذتي للغة العربية يشجعونني على الاستمرار في الكتابة، على أن اهتمامي في كتابة الشعر والنثر ظهر أكثر في السنوات الأخيرة، فحين أكتب نصا، أرسله أولا إلى صديقتي فاطمة بصول التي تتميز بذائقتها الأدبية، ثم أرسله إلى خالي أسيد عيساوي الذي يكتب الشعر، وكان يعقّب على نصوصي ويبدي ملاحظات بنّاءة، ثم أرسله لزوجي عبد المجيد شعبان الذي يتمتع هو أيضا بذائقة أدبية. وحين بدأت أنشر نصوصي في صفحتي في الفيس بوك، انتبه لها الناقد والكاتب شاكر فريد حسن، الذي عقّب على عدّة نصوص لي وأظهر مواطن الجمال فيها، ولفت القراء إليها، وهو من أكثر المشجعين لي في الكتابة.
من يعجبك من الشعراء والمبدعين العرب والفلسطينيين، وهل تأثرت بأحدهم؟
أحب جدا كتابات الشاعر الكبير محمود درويش وهو بلا شك أستاذنا جميعا، فهو مدرسة عظيمة، وبدون شك تأثرت من أشعاره، كما تأثرت بكتابات نزار قبّاني، وعزّ الدين المناصرة، وفدوى طوقان. على صعيد الروايات أحب روايات ابراهيم نصر الله، والكاتب الفلسطيني غسان كنفاني والكاتب المصري نجيب محفوظ والسوري حنا مينة وغيرهم.
ما هي الموضوعات والأغراض الشعرية التي تركزين عليها في كتابتك؟
أركّز على المواضيع الإنسانية والقيم والأخلاق والوطن، والحب، وأصوّر حالات الاغتراب التي يعيشها إنسان هذا العصر.
ما رأيك بالأدب المحلّي؟
أدبنا المحليّ زاخر بأنواع مختلفة من الإبداع: الشعر، الرواية، القصص القصيرة، الخاطرة والمقالات الأدبية والنقدية وغيرها. وبما أنني لست ناقدة فأنا اترك للنقاد تقييم هذه الكتابات.
كيف تقيمين العملية النقدية لدينا في هذه الديار؟
لا شك أن للنقد الأدبي دورا هاما في ازدهار وتطور الكتابة الأدبية والإبداعية، وما نلحظه في بلادنا خلّو غالبية الأعمال النقدية من منهجية واضحة، مثل المنهج الأسلوبي والبنيوي، ومعايير نقدية تستند إليها، والتي من شأنها أن تسهم في رقيّ وتقدم الأعمال الأدبية، كما تفتقر الحركة النقدية في بلادنا إلى مؤسسات نقدية ترعى الأعمال النقدية وتساهم في تطويرها.
كيف ترين اتحادات وروابط الأدباء، وهل لها دور في الحراك الثقافي والأدبي، وهل تخدم أصحاب الأقلام؟
اتحادات وروابط الكتاب تلعب دورا فاعلا وهاما في تنشيط الحركة الأدبية والثقافية والإبداعية وتشجيع المواهب والمساهمة في نشر إبداعات الأدباء عن طريق إحياء أمسيات ثقافية أدبية وإشهار كتبهم وتعريف القرّاء بهم. ويسعدني جدا أن تمت الوحدة بين رابطة اتحاد كتّاب الكرمل واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين.
ما رأيك بأدب الأطفال لدينا؟
نرى قفزة نوعية في السنوات الأخيرة في الكتابة للأطفال، وازدياد عدد الكتاب الذين يكتبون القصص للأطفال وهذا أمر مفرح جدا وضروري، مع ذلك فإن أدب الأطفال يفتقر إلى المسرحيات والقصص الفكاهية والتربية الجنسية، كما يفتقر إلى القصة التعليليّة التي تطرح سؤالا حول نشوء ظاهرة حقيقية موجودة ومن خلال الأحداث يُعطى تعليلا(سببا) لوجود الظاهرة. مثلا: لماذا يوجد للحسّون ألوان كثيرة؟ لماذا تغيّر الحرباء لونها؟ هناك قصة تعليلية للأستاذ الكاتب مفيد صيداوي ” لماذا تختلف ألوان البشر؟ ” وأطفالنا بحاجة إلى الكثير من أمثال هذه القصة التي تساهم في إثارة وتطوير مهارة التفكير لديهم إضافة إلى مهارة تكوين أسئلة وغيرها من المهارات الضرورية لتطوير تفكير الأطفال.
كونك مديرة مدرسة كيف ترين الوضع القرائي هذه الأيام، وما دور المدرسة في تشجيع القراءة؟
نحن نعاني من تنافس شديد مع الوسائل التكنولوجية الحديثة والألعاب الالكترونية الموجودة في الهواتف النقالة والحاسوب، مع ذلك فإننا نسعى دوما لتشجيع القراءة والمطالعة لدى الطلاب عن طريق إشراكهم في مسابقات في قراءة القصص، والمشاركة في مشروع مسيرة الكتاب من قبل وزارة المعارف، إضافة إلى تخصيص حصة مطالعة أسبوعية في مكتبة المدرسة، وتشجيع الطلاب على استعارة الكتب من المكتبة العامة في القرية، كما نقدم للطلاب لقاءات داخل الصفوف مع أدباء وكتاب محلّيين وغيرها من البرامج والفعاليات المثرية.
أفضل كتاب أعجبك حتى الآن؟
كتاب ” زمن الخيول البيضاء ” للكاتب ابراهيم نصر الله.
أجمل قصيدة كتبتيها وتعتزين بها، وتحبين تقديمها للقراء؟ وماذا تقولين فيها؟
قصيدة انتظار وقصيدة لأجلك جفرا
في قصيدة انتظار أصور معاناة الإنسان واغترابه في عالم تحيطه الأسوار والجدران، منها جدران سياسية، فكرية، اجتماعية وغيرها، كما تصور معاناة الانسان في بحثه عن حريته وخلاصه من هذه الجدران، وفيها عودة الى التراث وإلى الماضي برونقه وصفائه وبراءته.
أما قصيدة إليك جفرا فقد استوحيتها من قصيدة جفرا للشاعر الفلسطيني الكبير عز الدين المناصرة وأهديتها له، وفي هذه القصيدة أصور الوطن بكل جماله وأحلامه ومكنوناته وآماله. وأقول فيها:
جفرا! أيُّ حلمٍ جميلٍ
يدغدغ عينيَّ
تتراقصُ فيهما قوافلُ النحلِ
تعانقُ الزهرَ
وتسكبُهُ شهدا على شفتيَّ
جفرا الكحيلةُ ترابُ الارض ملمسُها
سنابلٌ من القمح
تحزم الفراشَ
وسائدَ في راحتيّ
كيف جئتني جفرا بعد الغياب؟
كيف اخترقت أسوار الحديد
واجتزت أبراجَ الغمام؟
أيُّ حلمٍ شهيٍّ حطّكِ في ناظريَّ
حمامةً بيضاءَ
وواحةً من العنب
وباقاتِ حبقٍ خضراءَ خضراءَ
ترفلُ بين اناملِ يديَّ
تعانق الذكرى
تراقص احلامَ الجداول
وتلثمُ جناحَ قُبّرةٍ
عادت لتوها من سفرٍ
تهفو اليَّ
أيُّ وشمٍ جميلٍ
طبَعْتِهِ جفرا في ساعديَّ!
وجعلتِهِ مبسما
وتاجا للزنابق
وأيقونةً بيضاءَ بيضاء
ترفرفُ في الحدائق!
لأجلكِ يا حنطيّةَ الخدين
أعانقُ الخمائل
وأودعها مناديلَ أحلامي
وأكاليلَ غارٍ
تعانقُ الجدائل
لأجلك جفرا يؤوب اليمامُ
ويحُطُّ على أعناق السنابل
ما هو مفهومك للحريّة وكيف ترين وضع المرأة العربية والفلسطينيّة؟
الحريّة هي أن أتمكن من التعبير عن نفسي وعن آرائي وأفكاري دون خوف أو وجل، وأتمكن من تحقيق طموحاتي وأحلامي، وأتّخذ القرارات التي تناسبني دون أن أسبب أذيّة لأحد ودون أن يتعرّض لي أحد.
المرأة العربية والفلسطينية تعاني من اضطهادين: اضطهاد المجتمع الأبوي الذكوري من ناحية، واضطهاد المؤسسة الرسمية لها، بصفتها جزء من المجتمع العربي الفلسطيني من ناحية أخرى، ورغم ذلك نرى أنها تخطو خطوات حثيثة نحو الحرية ويتجلّى ذلك في ارتفاع ملحوظ في عدد النساء الأكاديميات والناشطات في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأدبي والثقافي الخ.
ماذا تعني لك المفردات التالية:
الوطن: كرامة وعِزّة
الحب: تضحية ووفاء
البحر: إبحارٌ في النفس
السعادة: تكمن في العطاء
الطبيعة: جمال وانطلاق
من هو مثلك الأعلى؟
والدي يوسف عرسان صبّاح رحمه الله
هل لديك ميول كتابية غير الشعر؟
نعم، أكتب الخاطرة، والقصة القصيرة.
ما رأيك بالطفرة النسوية وهذا الكم ممن يتعاطين الكتابة؟ وكيف ترين مستواهن الإبداعي؟
يسعدني أن أرى ازديادا ملحوظا في عدد النساء المبدعات، وهو أن دلّ على شيء فإنما يدلّ على ازدياد الوعي الثقافي والأدبي والفكري لديهن، أما من حيث المستوى فأترك أمر تقييم كتاباتهن للنقاد.
ماذا مع مشاريعك الأدبية المستقبليّة؟
أفكر في إصدار ديوان شعر، وكذلك أفكر في إصدار كتاب “اتجاهات جديدة في أدب نجوى قعوار فرح” وهو خلاصة رسالة الماجستير، كما أطمح في نشر رسالة ا.