يوم امس وفي قاعة العوادية في شفاعمرو، التي استضافت اجتماع المجلس القطري للحزب، تفاجأت بالشابة الرفيقة “فوز” والى جانبها زوجها، رددت السلام وضحكت في سري وتذكرت حديثا دار مع والدتها والى جانبها فوز، حول التقاليد والعادات والنهج التي يعاني منه المجتمع والتي اوحت لي تلك المحادثة بكتابة “مقالة” مقتبسا اقوال الام تلك السيدة الراقية المتنورة ونشيرها في حينه بصحيفة الاتحاد واليوم يطيب لي اعادة نشرها ضمن هذه الزاوية، خاصة ان الكثير من العائلات تعاني من المشكلة نفسها في مواسم الافراح.
يوم زوّجنا البنت، عقبال عندكم، لم نقم بأية طنة أو رنة أو غيرها من مظاهر الفرح ومنعنا “المخالطة” نزولا عند رغبة الأجاويد ومُراعاةً لشعور دار عمها. وخلافا لإرادة العروس وسكوت أمها على مضض، اكتفينا “بتكليف” البلد إلى وجبة عشاء كلفتنا “قَدْ بقرة جحا”. ومع هذا لم نسلم من الهمس كون اللحمة “مشحتفة” والرز “مطجن”.. وكوننا لم نأخذ كذلك هدايا ونقوط قائلين، “مقبولة مردودة” “فنقطونا” بتعابير ساذجة مثل: الله يستر عليها فوز! سترة البنت في زيجتها! يبيض عرضها!!
كان بودي ان “أبجها” قدام الناس فابنتنا، سمرة ونغشه ونسمتها راكدة و”البدر إذا شافها بستحي منها” وأكثر من شاب “ذبح حالو عليها”.. لكن المهم دائما رأي البنت بشريك حياتها واتفاقها مع دار عمها. ووقوف وجوه البلد بجانبنا عند طلوع العروس.
يروحوا يصلّحوا حالهم وجوه البلد ـ قالت فوز ـ فقاطعتها أمها، “يا حبابة صبي زيت”، ألبيك بدو عزيمة شخصية في البيت والأفندي مقامه محفوظ في رأس “الجاهة”. والقريب بدو “خلعة” والغريب يهمس لنفسه، “أكلة وانحسبت عليك كُل وبحلق عينيك”. المهم “أخربي بيتك وبيضي وجهك”! رأيكم معها حق الحرمة مهما كان الجواب لا تنسوا اننا مشينا مرفوعي الرأس بتلك المجموعة المحترمة التي سارت أمام ابنتنا يم دار عمها التي “دشنتها” بـِ لزق الخميرة فوق العتبة كي تلصق في بيتها الجديد وتخمر.. وبالرفاء والرفاهة والبنين…..
راحت أيام وجاءت ليال أتت على أثرها فوز والغصة في حلقها لتقول لي، ان بنت عمها، إي نعم، أخت زوجها ستعمل سهرة مع زفة وطنه وتجلايه وفستان زفاف (ألحكي مش مثل الشوف). وقالت لأخوتها بدون خجل انا مش “مشلطة” ولا “عاملة عملة” حتى أتزوج (عَ السكت). وسكتُّ بدوري على مضض وأم فوز تقول، حتى يعجب خاطرك يا جقيم.
راحت ايام وجاء ذلك المساء فيه جلست العروس على صمدتها وأخذت تموج حلقات الرقص على أنغام “التكلتان” ومواهاه والمفرقعات عَ الطالع والنازل. وبعض الشباب “يتحبرمون” حول السهرة وتشابكت الأيادي.. ومع هذا انبرى أكثر من واحد ـ دقنه لزناره ـ يدافع، عن كون بو فلان “مش طالع بيده”. ومرته وأولاده “مش عَ خاطره”. وان السهرة لن تتعدى مسجلا سماعاته كبيرة ولم تكن أية (مخالطة) بين الشباب والصبايا! وو..
ولم اصدق عينيَّ عندما احضروا فرسًا اعتلت ظهرها بنت الحسب والنسب! ترتدي فستانا أي نعم (ألحكي مش مثل الشوف) وترفع بيدها محرمة بيضاء. فنظرت، أم فوز نحوي ولسان حالها يقول بألم: يا دار ما دخلك شر.. فدارت الوشوشة لكن أبو العروس “رمى البهته” على الناس إذ أوقف إطلاق الرصاص ومنع الغناء الذي حاول بعض الشباب والصبايا ترديده وراء العروس. وسارت الجموع.. وما أن اقتربت من بيت العريس حتى انكسر الحاجز ونزلت الزغاريد و(مهاهاه) من كل “فَيّ وجانب” مرفقة بزخات من الرصاص والغناء يتردد على أنغام السحجة والدربكة:
جينا وجينا وجبنا العروس وجينا