أصدر برنامج كونرد ادناوار للتعاون العربي-اليهودي في مركز “موشي ديّان” للدراسات الشرق أوسطية وأفريقيا، جامعة تل أبيب مؤخرًا كتابًا بحثيًا تحت عنوان ” وحيدًا أمام قدره: المجتمع العربي في إسرائيل في ظل “الربيع العربي” للباحثين د. يسري خيزران وطالب الدكتواره محمد خلايلة. يحتوي الكتاب على 5 فصول مركزية تعالج الأبعاد المختلفة للربيع والعربي واسقاطاتها على الفلسطينيين في إسرائيل عمومًا، وعلى سلوكهم السياسي بشكلٍ خاص. يحتوي الكتاب على 226 صفحة من القطع المتوسط ويطرح قضايا جديدة لم تتناولها الأبحاث العلميّة كثيرًا حتى الان تتمحور حول اهمية المحيط العربي في صياغة المواقف السياسية للمجتمع العربي تجاه الدولة، بعد لطالما غاب عن القراءة الاكاديمية للسلوكيات السياسية للمجتمع العربي في البلاد.
الادعاء المركزي في الكتاب يتمحور حول الخذلان والإحباط الذي خيّم على المواطنين العرب جراء التطورات التي طرأت على أحداث الربيع العربي. نتيجة لهذا الشعور المتفاقم ظهرت في صفوفهم توجهات ومواقف أكثر برغماتية تجاه الدولة وقبول بكونهم أقلية في إسرائيل. علاوة على ذلك، يظهر البحث بأن تهاوي المحيط العربي وتفكك الدول القومية أدى إلى الابتعاد عن اعتبار العالم العربي ورقة سياسية هامة ومرساة نفسية وجعل المواطنين العرب يتمسكون أكثر بالخطاب المدني.
يعالج الفصل الأول للكتاب مسألة الربيع العربي وكيفية تطور الأحداث وتسارعها في المنطقة مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل حالة. كما يشمل الفصل إطارًا يحتوي على الأدبيات النظرية المركزية التي تناول الأسباب والعوامل التي أدت إلى اندلاع الانتفاضات الشعبية في العالم العربي بالارتكاز على متغيرات ومؤشرات اجتماعية، مؤسساتية واقتصادية. أما الفصل الثاني من الكتاب فيعالج المكانة السياسية والقانونية للمواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل ويتناول السياسات الرسميّة وغير الرسميّة تجاههم. كما ويشتمل الفصل الثاني على قراءة تاريخية في علاقة المواطنين العرب مع الفضاء والمحيط العربي منذ العام 1948 وحتى اليوم، وكيف أثرت الأحداث والمفاصل التاريخية المخلتفة على سلوكهم السياسي. أما الفصل الثالث للكتاب يقدم استعراضًا شموليًا لمواقف الأحزاب، الحركات السياسية والمثقفين العرب الفلسطينيين تجاه الربيع العربي وكيف ينظر هؤلاء اللاعبين إلى الأحداث ومواقفهم منها ويرتكز هذا الفصل على تحليل مضاميني للبيانات الرسمية الصادرة عن الأحزاب والمقابلات والمقالات التي نشرت في الصحافة وشبكات التواصل الاجتماعي.
كما ويشمل الفصل الرابع من الكتاب تحليلًا لتأثير الربيع العربي على السلوك السياسي للمجتمع الفلسطيني في إسرائيل وكيف ساهمت الأحداث في صياغة وعي الجيل الشاب وتحديد توجهاته السياسية، وكيف انعكست أنماط التنظيم السياسي وأشكال الاحتجاج السياسي لدى الشرائح الشابة في العالم العربي على وسائل الاحتجاج وأشكال التنظيم السياسي التي تبناها الشباب العربي الفلسطيني في إسرائيل. يرتكز هذا الفصل على مقابلات أجراها المؤلفان مع شخصيات فاعلة ومؤثرة وعلى تحليل للسلوك السياسي وأشكال التنظيم السياسي كما ظهرت في الحقل. كما يتناول الفصل الخامس مواقف واراء المواطنين العرب بشأن الربيع العربي وبشأن تطور الأحداث فيه إضافة إلى مواقفهم من العلاقة مع الأغلبية اليهودية ونظرتهم إلى المواطنة بعيد الربيع العربي.
يشمل الفصل عرض استطلاع رأي ومعطيات مقارنة تنشر لأول مرة. حيث يظهر الاستطلاع بأن 72% من المواطنين العرب لا يتفقون مع تسمية الأحداث التي اجتاحت العالم العربي منذ العام 2010 ب”الربيع العربي”. كما أظهر الاستطلاع بأن 93% من المواطنين العرب يعارضون الجماعات والتنظيمات الجهادية ونحو أقل من 0.5% يؤيدونها. يختتم الكتاب بنقاش تلخيصي حول أهم الاستنتاجات الواردة فيه وتحليلًا لمجمل القضايا التي استعرضها الكتاب.