شيخ الزجل والشعر الشعبي. الديلاوي د.يوسف فخر الدين


بقلم: شاكر فريد حسن
د.يوسف فخر الدين (أبو كمال) من أهم وأبرز شعراء الزجل والشعر العامي المحكي وشيوخه، عرفناه بأشعاره الزجلية الإنسانية والوطنية والرومانسية والوجدانية المدهشة، ذات المستوى الرفيع، العابقة برائحة سرو وصنوبر الكرمل الأخضر.
يوسف من بلدة دالية الكرمل ولد فيها العام 1937، وهو خريج الفوج الأول في الكلية العربية الأرثوذكسية، شغل عدة مناصب هامة منها سكرتير مكتب وزارة الأديان للأقليات في الشمال، ومديرًا لفرع البنك العربي في بلده.
مع بداية الالفية الثانية التحق بجامعة حيفا، وحصل على اللقبين الأول والثاني، وحقق انجازًا كبيرًا وهو في الثمانين من عمره على شهادة الدكتوراه في مجال الزجل وتاريخه في بلاد الشام، وأثبت في دراسته أن أوزان الزجل عربية ودقيقة جدًا.
شارك يوسف فخر الدين في العديد من المهرجانات والندوات الشعرية والزجلية، وقدم مجموعة محاضرات في عدد من مدارس البلاد، ووضع ديوانيين مميزين في الشعر العامي المحكي والزجل هما ” وادي النحل، وحجر البد ” بالإضافة إلى دراسته حول الزجل.
يوسف فخر الدين يمتلك الحس الشاعري والقومي والعروبي والإنساني، والتعبير الفني الصادق مع الواقع والحياة، والخيال الجامح، وأشعاره الزجلية رقيقة ورشيقة سلسة منسابة كالشلال، وأسلوبه شيق وماتع من السهل الممتنع.
من أشعاره اخترت هذا النموذج، حيث يقول:
يوم الخلقتي، السما كاين ناقصها تراب
ومصنع عجين الخلق جفت ينابيعو
وكانوا بإجازه، ملايكة السما وغيّاب
وما ظل عندن قوالب صب تبيعو
وإنتي ع غفلة إجت روحك تدق الباب
وربك عليها شفق آمالها يضيعو
لملم شو عندو حلا، وصبّك بدون حساب
وليكي ع وجهك ترك بصمة أصابيعو
ولخطاب يوسف فخر الدين الزجلي نكهة كرملية خاصة مميزة، لغة وفكرًا وقيمة مضمونيه وفنية وعرضًا وتصويرًا، وفيه من الخيال بقدر ما فيه من الواقع والطبيعة، ولعل رهافته وحساسية مفرداته هي سر قدرته على الإمساك بتلابيب اللغة وباللحظة الراهنة، والقدرة على مخاطبة ودغدغة المشاعر والأحاسيس، وشدهم بفضل توهج الفكرة والصورة والكلمة.
وتتسم قصيدته الزجلية المحكية بالغنى والثراء اللغوي والتعبيري والدلالي، فيها الصور الشعرية البديعة الخلابّة، وفيها المحسنات اللفظية والمعنوية سواءً في الموسيقى الداخلية والقافية والروي والرؤى. ناهيك عن التشبيهات والأوصاف والكنايات والاستعارات والتورية والطباق والجناس والسجع.
د.يوسف فخر الدين شاعر وزجال يطربك بحروفه وكلماته وأنغامه، وتتعطر قصائده الزجلية بصدق الاحساس وجمال الروح وسلاسة التعبير، وتتوشح بمضامين الحب والمحبة والجمال والتسامح والقيم والوطن، فله خالص التحيات وأطيب الأمنيات بالحياة العريضة ليبقى يشجينا ويتحفنا بما هو جميل وعذب من أشعار وازجال تخاطب قلوب وعقول الناس وتطرح واقعهم وهمومهم وقضاياهم.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .