” تنهيدات رملية ” للكاتبة حنان جبيلي عابد.قصص بنكهة الوجع الإنساني بقلم: شاكر فريد حسن


كان قد وصلني من الصديقة الكاتبة ابنة الناصرة حنان جبيلي عابد مشكورة، مجموعتها القصصية الجديدة الصادرة عن دار “الرعاة” للدراسات والنشر، الموسومة ” تنهيدات رملية “، وهي المجموعة الثالثة لها بعد ” مزاجية مفرطة ” و” هروب أنيق “.
جاءت المجموعة في 101 صفحة من الحجم المتوسط والورق الصقيل، وصممت غلافها الفنانة لبنى كرام حوا عوّاد، واشتملت على 15 قصة قصيرة، تعالج مواضيع انسانية مستمدة من الواقع وعالم الفانتازيا.
وافتتحت المجموعة بمقولة لها ” كثرة الاحتراق تؤدي حتمًا على عدم الاشتعال “، وأهدتها ” إلى جميع القلوب التي تزال مؤمنة بنبضها “.
قصص المجموعة فيها نزف ذاتي وعاطفي وسياسي واجتماعي، وتعكس المكابدة والألم والهم الإنساني، ووجع الإنسان المعاصر، والفرد العربي في حياته اليومية في ظل هموم العصر، وتراجع القيم الأخلاقية الجمالية، والقلق المتنامي الناتج عن السلوكيات السلبية في المجتمعات العربية.
وتدهشنا حنان جبيلي بقدرتها الإبداعية كساردة في صياغة وصناعة الجملة، وتمتلك حسًا وإحساسًا جماليًا شعريًا في اختيار مفرداتها اللغوية، وكل لوحة قصصية تشع جمالًا، ومغمسة بماء الورد، ونقاء الروح، وصفاء النفس، وبهاء الحضور، والعوم في فضاء الواقع والخيال الخصب.
والقص لدى حنان في المجموعة ممتع، سهل، مشوق، الحبكة رصينة، والقفلة مدهشة وناجحة، والجملة قصيرة متلاحقة، متحركة، رشيقة، وهي تتفاعل مع الحدث، ومع الشخوص، وتضيف لقصصها متعة فنية جمالية محببة للنفس والقلب.
أما الشاعرية التي تساب بين ثنايا الكلمات، وبلاغة التراكيب فتشكل سردًا خاصًا مميزًا بنكهة الوجع والألم الإنساني، ونجدها احيانًا تولي سرد الاحداث بطريقة حركية هادئة.
أما اللغة في القصص، فعلى الرغم من سهولتها ووضوحها وبساطتها، فهي لغة مكثفة تكثيفًا بنائيًا دلاليًا وسيكولوجيًا، وتكثيفها يتنفس من رئة الحدث في العمل القصصي، ويتلاءم مع المضمون والمغزى الذي تسعى لتوضيحه، ويتناسب وفنها المكتوب.
وتتماهى حنان جبيلي مع مضامين قصصها، وتضفي الصدق على مجريات أحداثها، ليكون مشوقًا للقارئ، ونجدها تكثر من الثنائيات والتناقضات التي يعيشها إنسان العصر، وتنزف نفسها من خلالها.
حنان جبيلي عابد في مجموعتها القصصية ” تنهيدات رملية ” تمزج بين الواقع البائس والخيال الجامح، وتنسج عالمًا يتحرك فيه مقهورون ومتألمون وخائفون وقلقون وحائرون وحالمون ومغامرون في بحر الحياة الصاخب، ومتلاطم الأمواج.
وفي الإجمال، قصص المجموعة ثرية المضامين والرؤى والأبعاد الإنسانية جلية المعالم، كثيرة الصور والتوثيق لحالات اجتماعية وواجهات سياسية، متناسقة السياق، واضحة العقدة، صادقة في أزماتها، ورسالتها واعية ومسؤولة.
فللصديقة الكاتبة حنان جبيلي عابد اصدق التحيات واطيب الامنيات، ومزيدًا من العطاء والتوهج القصصي والتألق الإبداعي. .

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .