الإفلاس العاطفي تسببه إهمال الزوجات لمظهرهن وجمالهن والانغماس في مسائل البيت والأبناء، وبعض الأزواج يتحاشى الغزل حتى لا يوضع في دائرة الشك.
سلمى جمال – القاهرة – ” وكالة أخبار المرأة ”
تشتكي عدة زوجات من عزوف الأزواج عن التغزّل بهن وعن التعبير عن مشاعرهم تجاههن، وتعتبر بعض السيدات الأمر عاديا بحكم مرور سنوات من الحياة المشتركة فيما تحتج أخريات بشدة ولا يقبلن الوضع ويعتبرن غياب الغزل مساسا بأنوثتهن.
ويؤكد مختصون أن الغزل -أو التعبير عن مشاعر الحب- ضروري بين الزوجين ولكليهما وأن غيابه يدل على فتور في العلاقة يمكنهما التخلص منه بسهولة وبمجرد تدريب النفس على قول عبارات لطيفة للشريك.
ويحذر مختصون نفسيون الأزواج من البخل في ترديد عبارات الغزل على مسامع زوجاتهم، ويؤكدون أنه بالرغم من أن المرأة تبدو الطرف المطالب أكثر بتعبيرات الحب إلا أن المسألة مهمة للرجال والنساء على حد سواء. فالتعبير عن الاهتمام والحب من أهم الأشياء التي توطد العلاقة بين الزوجين.
وتلوم غالبية النساء الرجل الذي يتودد لشريكته ويغدق عليها بعبارات الغزل في مرحلة التعارف والخطوبة، ويتفنن حينها في ترديد أحلى الكلمات التي يخفق لها قلب المرأة فتراه فتى أحلامها لكن بعد الزواج تقل هذه الكلمات وتنعدم أحيانا هذه الممارسات وأحيانا تنتهي بمجرد انتهاء شهر العسل.
ويكون رد فعل الشخص حين يفقد عبارات التغزل به إهمال نفسه أو إهمال الشريك، وقد يصبح غير مبال بالعلاقة، ويقتصر اهتمامه على مسائل البيت والأبناء، ويلجأ البعض أحيانا إلى البحث عن البديل وقد يصل إلى الخيانة أو قطع العلاقة.
وتقول فاتن ع. -مهندسة- “اعتقدت في البداية أن روتين الحياة ومشاغلها يأخذان زوجي حتى من نفسه، حتى رأيت بعيني وسمعت بأذني بعض كلماته لصديقات ابنتي واعتقدت أن الأمر مجرد مداعبة لمن هن في عمر ابنتنا حتى رأيت في عينيه ذات مرة وهو يقولها صدقاً أفزعني ولكنني من الصدمة تغاضيت عن ذلك” وتتابع “لاحظت بعد ذلك أنه أصبح مدمناً على مغازلة أخريات سواء كن صديقاتي أو جاراتي حتى شعرت بأزمة نفسية انتهت بطلبي الطلاق”.
ويعترف جمعة حسن -مدرس- بتقصيره كغيره من الأزواج في مغازلة الزوجة ولكنه يفسر ذلك بأن بعض الزوجات يتسببن في وأد هذه الكلمات داخل أزواجهن، وذلك مثلا بإهمالهن لمظهرهن وجمالهن وكأن الهدف كان مجرد الزواج. ويردف “هذا ما يصيبنا بإحباط عاطفي بالإضافة إلى أن بعضهن أيضاً عندما يقول لهن أزواجهن بعض كلمات الغزل يضعنهم في دائرة الشك”.
ويتفق معه في الرأي سيد سمير -محاسب- ويقول “رغم أن البعض قد يرى أن الزواج عن حب يحافظ على علاقة خاصة بين الطرفين أهم أركانها الحب والإعجاب والتعبير عنهما مهما كانت المشكلات والصعوبات، لكنني أرى أنه لا فرق في دوافع الزواج والدليل على ذلك أن أغلب حالات الطلاق والانفصال حسب ما أرى بين معارفي وزملائي كانت بين المتزوجين عن حب ولذلك أرى أنها ظاهرة طبيعية نتيجة روتين الحياة”.
وترى أستاذة علم النفس بدرية فكري أن مغازلة الأنثى سلوك غريزي غير مكتسب ومتأصل في التكوين السيكولوجي والبيولوجي للذكر، وهو عرف عام بين كل المخلوقات، ويجب أن يعي كل من الزوجين أن شريكه في حاجة نفسية دائمة إلى كلمات الغزل التي تشعره بقيمته كزوج وشريك حياة.
لكن بمرور الأيام قد يحدث نوع من التشبع العاطفي، ورغم ذلك تظل هذه الرغبة -المتمثلة في اهتمام الزوج- متجددة باعتبارها جزءا أساسيا من احتياجات الإنسان وأهمها حب الذات، وقد يعني تلاشي هذه الكلمات بين الزوجين نوعا من الإفلاس العاطفي الذي تسببه أشياء كثيرة منها الاعتياد وروتين الحياة ومشكلاتها.
ويرى أستاذ علم الاجتماع عصام سيد أنه بجانب الأسباب السابقة يوجد سبب آخر قوي نشأ من خلال التكوين الاجتماعي لمجتمعنا العربي الذي أصبح أكثر هشاشة من ذي قبل بفعل عوامل اجتماعية كثيرة منها وسائل الإعلام والفضائيات والإنترنت التي روجت صورة اجتماعية مشوهة للعلاقات الزوجية تصورها على أنها “شر لا بد منه”.
ويشير إلى أنه أصبح في المجتمع العربي نوع من الجرأة في ارتكاب المحاذير الاجتماعية والدخول في أكثر من علاقة خارج إطار الزواج، بالإضافة إلى محاولة زرع القبول الاجتماعي التدريجي لفكرة الصديق والزوج أو الصديقة والزوجة، وهي فكرة وافدة من المجتمعات الغربية، ولذلك فإن غياب كلمات الغزل بين الزوجين هو علامة على خطر يهدد علاقتهما العاطفية ويهدد بناء الأسرة ويجب مواجهته بتبني تغييرات بسيطة في السلوك بين الأزواج.