صبر النفس نوعان النوع الإختياري والنوع الإضطراري ، والاختياري أفضل وأكمل من الاضطراري، في شهر رمضان الكريم يصوم المؤمن عن الطعام وعن غيره وهذا صوماً اختيارياً، نعتبر شهر رمضان شهر الصبر ومدرستهُ، فالصوم تعويد على الصبر، وتمرين عليه، وقد ورد ذكر الصبر في القرآن الكريم في مائة وأربعة مواضع، على تنوع في مواردها وأسبابها، منها الآية التالية: “وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ” (سورة البقرة 45). وفي حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم قال : “الصوم نصف الصبر” وقد جاء فرض الصوم في سورة البقرة 183 كما يلي: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” أي أن الهدف الرئيسي للصوم هو التقوة. قال الله عز وجل “إن الله مع الصابرين” سورة البقرة .
وجاء في الانجيل المقدس “الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ” (إنجيل مرقس 13) كما وجاء عن نتائج صبر النفس “الَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ، هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ، وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ” (إنجيل لوقا 8: 15) وقال ابن سينا عن الصبر” الصبر أول خطوات الشفاء ” وقال علي بن أبي طالب ” البخل عار ، والجبن منقصة ، والمُقِلُّ غريب في بلدته ، والعجز آفة ، والصبر شجاعة ، والزهد ثروة ، والورع جُنَّة ” وقال الأديب المصري نجيب محفوظ وهو أول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب: “عليكم بالقناعة والصبر ، فالحياة ليست منصفة دائماً” وقيل صبر أيوب والصبر من الصفات المحمودة والمحببة، فهي تساعد النفس الحية على اجتياز المصاعب، وقيل عن الجَمَلُ بأنه صبور، كونه يصبر على العطش والجوع وارتفاع درجات الحرارة، وقال الشاعر عبد الله المهيب “والله أني صبوراً وأصبر من الجمل… أظهر الضحك وأخفي في ضميري جروح…” الصبر هو حبس النَّفس على ما تحب أو عمَّا تكره، عندما تسير الأمور حسبما نشاء يكون من السهل أن نصبر، والعكس صحيح، يأتي الإمتحان الحقيقي للصبر، عندما تنتهك حقوقنا، أو عندما ننتظر شيء ولم نحصل عليه كما أردنا، عندها قد ينفذ صبرنا. كما نفذ صبر كوكبة الشرق أم كلثوم عندما غنت للصبر حدود كلمات عبد الوهاب محمد وألحان محمد الموجي “ماتصبرنيش بوعود ، وكلام معسول وعهود، انا ياما صبرت زمان، على نار وعذاب وهوان، وهي غلطة ومش ح تعود، ولو ان الشوق موجود، وحنيني اليك موجود، انما للصبر حدود … يا حبيبي”
أما صبر النبات أي صبر نبات الصبار (الصبر) الذي موطنه الأصلي من جنوب امريكا الشمالية ومنها انتقل إلى العالم القديم في القرن السادس عشر ميلادي، وإنتشر بعدها بكثرة في شمال أفريقيا، في الحجاز، العراق اليمن وفلسطين وأصبح رمزاً باقياً للقرى الفلسطينية التي هُجر أهلها سنة النكبة عام 1948.
هذا النبات يصبر على العطش وعلى حرارة الصيف ويكتفي بالأتربة الخفيفة والسطحية والصخرية والصحراوية. تنضج ثماره في فصل الصيف،على سيقانه أشواك كبيرة تحميه من الأعداء وأشعة الشمس. هناك أصناف من الصبر، بدون أشواك على السيقان والثمار، تنتج هذه الأصناف ثماراً طيلة السنة، انتاجه في فصل الشتاء قليل وثمن ثماره مرتفع جداً ” الصبر شجرة جذورها مرة و ثمارها شهية” (مثل فارسي).
نيسان 2019