شاكر فريد حسن ” ناقد متميز مرن التفكير وشاعر منحاز للوطن والطبقة العاملة


هاشم خليل عبدالغني – الأردن
يعتبر الكاتب المبدع والناقد الفلسطيني” شاكر فريد حسن”، من الأسماء النقدية، التي احتلت موقعا متميزا في المشهد الأدبي والثقافي العربي، بفعل خصوصية النص النقدي الذي يكتبه، وبفضل حضوره الجميل المتميز، في الساحة المحلية والعربية، في مختلف الفضاءات الأدبية والثقافية.
كتب الناقد والكاتب” شاكر فريد حسن” في مجالات متعددة من فنون الكتابة، كتب المقالة والتعليق والتحليل السياسي والنقد الأدبي، والبحث التاريخي والثقافي والفكر الفلسفي، والمعالجات الاجتماعية والأدبية، والتراجم والخواطر الشعرية والنثرية، فلقيت كتاباته أصداء ايجابية طيبة من مختلف الأجيال والأذواق، في داخل فلسطين المحتلة وخارجها.
الناقد الكبير ” شاكر فريد حسن ” يتمتع بذوق سليم، فهو عُدَّة الناقد ووسيلته الأولى فإليه يرجع ” إدراك جمال الأدب والشعور بما فيه من نقص، وإليه نلجأ في تعليل ذلك وتفسيره وبه نستعين في اقتراح أحسن الوسائل لتحقيق الخواص الأدبية المؤثرة “. كما أنه ناقد منظم، منتبه الذهن مرن التفكير، يبعث فينا شعورًا بجمال الأدب.
بإيجاز تتوافر في كتابات الأستاذ ” شاكر فريد حسن ” كل صفات الناقد المتميز، الثقافة والذوق والخبرة والدربة والتمرس، إلى جانب أنه يتمتع بنقاء ضمير الناقد الأدبي المحايد.
“شاكر فريد حسن” كاتب وناقد وشاعر فلسطيني، من قرية مصمص شمال فلسطين، درس المرحلة الابتدائية في مدارسها وأكمل دراسته الثانوية في كفر قرع، لم يكمل دراسته الجامعية نتيجة لظروف اقتصادية صعبة.
شاكر فريد رجل عصامي شق طريقه في الحياة بكل عزيمة وقوة ومضاء، متكئا على إرادة لا تلين، وروح لا تعرف اليأس ولا الكلل.
قال في سيرته الذاتية: – “شغفت بالكلمة، وعشقت القراءة ولغة الضاد منذ الصغر، وتثقفت على نفسي، فقرأت مئات الكتب في جميع المجالات الأدبية والفلسفية والاجتماعية والتراثية والنفسية ”
بدأت انطلاقة الكاتب والناقد شاكر فريد الواسعة في عالم الصحافة في المناطق الفلسطينية بعد عام 1967م، وأخذ ينشر كتاباته في صحف الضفة الغربية “القدس “و”الشعب” و”الفجر” وفي المجلات والدوريات الثقافية والأدبية التي كانت تصدر آنذاك، كالفجر الأدبي والبيادر الأدبي والكاتب والشراع والعهد والعودة والحصاد، ومن ثم في صحف “الأيام” و” الحياة الجديدة”.
بعد أن قدمنا إيجازًا عن حياة ودور الأستاذ ” شاكر فريد حسن ” في إثراء الحياة النقدية الفلسطينية والعربية. ستناول فيما يلي لونًا أخر من نشاطه الإبداعي. خاصة في مجال الشعر.
عندما تقرأ نصا شعريًا من نصوص الشاعر(شاكر فريد حسن) تبحر في عوالم ساحرة من الجمال والجلال، فتجد تشكيلات الجمال السردي، بأبعاده الإنسانية والذاتية والوطنية.
في قصيدة (منحازون) يعلن الشاعر انحيازه للوطن الفلسطيني، الذي حلم دائما به يكبر ويتغير ويتجدد ويتحرر. منحازون لوديانه وسهوله وناسه، لفقرائه للطبقة الكادحة من عماله وفلاحيه. لأغانيه الشعبية، لتراثه ومفكريه ومُصّلِحيّه.
نحن منحازون لهذا الوطن
لترابه وأشجاره … لوديانه وسهوله
منحازون لناسه … فقرائه وجياعه
منحازون لفكرهم الطبقي
منحازون للتراث لكنعان وعنات
وجفرا وزريف الطول والدلعونا
منحازون لرسالة الغفران …. وفكر النهضة والتنوير
في قصيدة (أبجدية الشعر) يرى الشاعر أن للشعر رسالة وظيفة، ويطالب الأدباء والشعراء بالالتزام بقضايا الإنسان والانحياز للفقراء، ومشاركة الناس همومهم الاجتماعية والسياسية ومواقفهم الوطنية، والوقوف بحزم لمواجهة ما يتطلّبه ذلك. وكل شعر يخرج عن دائرة الالتزام. فلا نكهة ولا طعم أو لون له، فالشاعر كما يتضح من قصائده، يؤكد انتماءه للطبقة العاملة.
قصائدنا بلا نكهة … ولا رائحة ولا لون …وبلا طعم
ان لم تكن هادفة … وإذا لم تنحاز للفقراء
وتنتصر للإنسان …وتحمل في ثناياها
شذا الورد …وعبق التوليب
وحب الوطن …والأرض
يحمل الشاعر “شاكر فريد حسن ” حملة شعواء عنيفة في قصيدة ” صرخة بلد “على الخونة الذين تاجروا بقضايا الوطن والإنسان، الذين خانوا العهد فسرقوا الحب من صدور الشباب والنساء والشيوخ، ونهبوا خلسة ورقصوا على جراح الوطن، لن نغفر لكم خيانتكم ولن نسامحكم. وسنحاسبكم حسابًا عسيرا. فيقول:
آه منكم. ومن غدركم يا …. من وثقت بكم
لكن رقصتم على جراحي …وقتلتموني من وراء ستار
سرقتم الحب من …صدور الشباب
والفرح من عيون النساء
وسلبتم النصر من قلوب الشيوخ والأطفال
من الوريد إلى الوريد
لن أسامحكم. ولن اغفر لكم خيانتكم الكبرى
ويختتم قصيدة “صرخة بلد ” بتحية الشرفاء الأحرار من أبناء الوطن، لكم أيها الشرفاء الحسنى والخير والغبطة والسعادة، كما يؤكد الشاعر على بقائه على العهد، محبا للوطن مقاومًا للاستسلام والتفريط. فهو قصيدة غاضبة … في وجه الأعاصير العاتية.
وطوبى للشرفاء منكم. وسأبقى على العهد
حكاية حب. وقصيدة لا تنتهي
قصيدة غاضبة …قصيدة غاضبة
إذا كان الشاعر (شاكر فريد حسن) يبدو ثائرًا ومتمردا مهمومًا وحازمًا في قصائده الوطنية التي أشرنا إليها سابقًا، معلنًا انحيازه لبسطاء الشعب وفقرائه، لا يعرف المداهنة والاستسلام والزيف…. فإننا نراه في قصائده الغزلية والوجدانية رقيقًا. ناعم العبارة، تتسم لغته بالشفافية المنمقة وبالتوهج العاطفي والإحساس الصادق … ويتجلى ذلك بكل وضوح في قصيدة ” كان حلمي أن امتلكك ” يستقصي فيها كل الاحتمالات الواردة في مسألة الحب، فيستهل الشاعر قصيدته ببيان ما يتمناه من امتلك الحبيبة التي ستأتي لمحراب حبه متعبدة عاشقة ومعانقة، وويبين مفهومه للحب، فالحب كالندى كالمطر كالفكرة، ثم يضيف أنه عاجز عن تفسير هذا الحب، الذي يستثير في النفس المتناقضات، ويتساءل هل ستعذبينني باسم الحب؟ وأنا الذي بحثت عنك كثيرًا، حتى وقعت في حبك، فكتبتك بدمي على وجه الشمس، وفي سجل العشاق.
كان حلمي أن امتلكك
وأن تأتيني متعبدة في محراب
العشق …تحاصرينني …وتعانقيني
فأرتل مع البلابل والسنونو …أحبك …أحبك …أحبك
فالحب يا حبيبتي. كالندى كالمطر كالفكرة
لا يعرف الحدود …. إنه درب الفرح
وعنوان السعادة. أترى تحبيني كما أحبك
ام ستعذبينني باسم الحب… وكما يقولون لذة الحب في عذابه
وأنا الذي بحثت عنك طويلًا …في ليالي الشتاء الباردة
وراء الغيوم والسحب السوداء. حتى وقعت في مصيدة حبك
فكتبتك بدم أوردتي …على وجه الشمس …وفي مدونة العشاق
يدمج ” شاكر فريد حسن ” في قصيدته الرائعة (علمتني العشق) المثقلة بالمشاعر الإنسانية الوجدانية بين حب الحبيبة، وحب الوطن المسلوب. فالوطن محبوب وإن سرقوه واحتلوه، نلاحظ هنا التماهي بين حب الوطن والحبيبة. وهذا ديدن الشعراء الفلسطينيين. وفي هذا المقام نذكر ما قاله الشاعر الكبير محمود درويش: – “أكتب عن الحب الذي ولد في وسط قضية فيحمل ملامحها وهمومها ويصبح جزءا منها”. لنقرأ معًا قصيدة الشاعر شاكر فريد حسن.
اسمك حبيبتي أعذب لحن ونشيد
كم تبهرني ابتسامتك. ورقتك وجمال عينيك. وبحة صوتك
وكم يدهشني عطرك فواح العبق
فقد علمتني كيف. يكون العشق والوله
وأحببتك حبين. حب الروح…وحب الجسد
وأحار بين رقتين. فأغفو على ضفاف نهديك
وأحس برقة عود الرمان. النابت في قانا الجليل
فأهمس في أذنيك: آه يا وطني المسلوب
ما أجملك وان احتلوك. وسرقوك مني
مجمل القول يتميز الأستاذ (شاكر فريد حسن) كناقد برشاقة اللغة ولديه القدرة على بناء مفردات لغوية خاصة به، كما يتميز بالتفكير المنطقي للوصول للحقائق المرجوة من النقد، إلى جانب ذلك فهو ناقد مطلع واسع الثقافة، منفتح على الأفكار الجديدة.
وشاكر فريد حسن شاعر منتم وملتزم فكريا للطبقة العاملة. يعبر عن همومها وتطلعاتها وآمالها، فهو شاعر يمزج بين حب الحبيبة والوطن. لكل الود والاحترام لهذا الرجل العصامي الملتزم. ننتظر منه المزيد من العطاء والإبداع.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .