كنت قبل فتره في المجلس المحلي، توجه الي أحد الشباب المعارف من القرية وتربطني به علاقة وديه ونكن الاحترام المتبادل لبعضنا البعض، قال اقرأ لك أحيانا ما تكتب، وما افهمه بالنهاية أنك ضد إسرائيل، لماذا؟ نحن نعيش هنا باحترام غير مهددين، بينما غيرنا يعاني الجوع والتشريد والذبح في الدول العربية المجاورة اين أفضل؟
بصراحة لا اعرف اين تكمن المشكلة، هل هي في كلماتنا ام في فهم البعض لها! او ان هذا القسم فقط يرى الحياة بلونين ابيض او اسود!؟
اغلبية من يكتبوا عن ما يعانيه مجتمعهم هدفهم التصحيح، هم ليسوا ضد إسرائيل ككيان ودولة او شعب، يحق لليهود ان يعيشوا في دولتهم وان تكون امنة ومستقرة، لكن المشكلة هي في سياسة حكوماتها المدعومة من شيطان العالم الولايات المتحدة الأميركية ، مشكلتنا انها ما زالت الدولة الوحيدة في العالم محتلة لشعب آخر وتمنع منه حريته واستقلاله، مشكلتنا مع حصارها على مليوني شخص في غزه، وانها لا تعتبرهم بشرا ونظرتها اليهم باحتقار وازدراء ،مشكلتنا انها تتبع سياسه التمييز العنصري بين مواطنيها وتضيق على سكانها العرب في كل نواحي الحياة في التعليم والاستثمار في تحسين البنية التحتية في قراهم ومصادرة الأراضي وعدم توزيع قسائم للبناء بما يكفي، وتغريم الشباب “المخالفين” للبناء بغرامات باهضة جدا.
ان رفض هذه السياسة والنضال ضدها حتى تغيرها هو ليس عداء، انما الهدف التطلع الى حياة افضل يسودها نوع من العدل والمساواة ورفع الظلم ، المشكلة ليست بمن يطالب بالتغير بل بمن تعود على العيش رغم التمييز والاجحاف والقمع وأصبحت بالنسبة له حياة طبيعية، مشكلتنا مع قانون التجنيد الاجباري وما ينتج عنه بعد ذلك من طمس الهوية والانتماء، والتنكر للحضارة والقيم التي تميزنا وإدخال براثن وأفكار مدمرة للمدى البعيد، وللأسف من يقوم بها قسم من الذين يظنون انفسهم قيادات ومنهم من يدخلها تحت عباءته بعد ان “عاد” وتوجه الى الدين واصبح، مفتيا بدعم من جهات لا تمت للدين بصلة ، مشكلتنا مع تلك القيادات التي توليها الدولة “وتأتمنها” علينا.
قدمنا نحن الدروز للدولة اضعاف حجمنا، بغض النظر عن كيف تم ذلك وبأي ظروف وتحت أي ظروف، بالمقابل ماذا قدمت الدولة لنا؟ هل ساوتنا مع مواطنيها اليهود؟ رغم سياسة التميز التي تنتهجها هل ميزتنا عن غيرنا من أبناء شعبنا؟ هل طورت قرانا أكثر؟ العكس هو الصحيح ردت على “الاخلاص” بالتضيق وزيادة المعاناة علينا من كل الأبواب، واخرها قانون القومية.
سألته عن سبب تواجده في المجلس قال في حسرة وغضب اتيت لأعرف من المسؤولين في السلطة المحلية لماذا الأراضي التي دخلت حديثا داخل الخط الأزرق صودر منها الثلث بحجه التطوير، ولا يسمح لنا في البناء الا على 25% من مجمل مساحتها مع العلم ان هذه الأرض صودر منها ايضا الثلث بعد قيام الدولة! بحجه أملاك الغائبين (الاقطاعي عبد المجيد الذي كان يملك هذا الثلث حسب ادعاء الدولة)! والان لم يتبق لنا منها سوى اقل من 35%! ، هذه الحلول زادت الطين بله، وافقنا مرغمين على الحل لكن لم نكن نعلم ما مدى خطورته، لأن البديل هو العودة الى المخالفات والمحاكمات ودفع الغرامات الباهظة، في الخيارين وضعنا سيء احلاهما مر.
ربما تجد لدى السلطة المحلية معلومات أكثر، لكن نحن نعرف انها ليست المسؤولة عن هذه السرقة، يصعب علينا من خوفنا ان نصب غضبنا على مؤسسات الدولة، نحول غضبنا الى السلطة المحلية، العنوان الأضعف.
هنا تذكرت مسلسل ضيعة ضايعه وجودي حين يعجز عن شيء او يخاف من مواجهة شيء فيصب غضبه على زوجته الضعيفة ديبه قائلا أنت السبب أنت السبب…. بالتأكيد هناك امور أخرى تضايق صديقنا من الصعب التطرق اليها في لقاء قصير وعابر، لكن هذا لا يعني ان نحرف أسباب الغضب.
اننا جميعا نعاني من نفس الداء لكن نختلف في طريقة التعبير عن الألم، ولمن نتوجه للحل وكيف؟ ونعرف من السبب في ازماتنا، هو كونه موظفا لا يستطيع ان ينتقد سياسة الدولة ومؤسساتها تجاهه، لهذا يصوب غضبه على السلطة المحلية التي لا تملك أية حلول، وهي ليست السبب بما يحصل، نحن جميعنا نعرف بالضبط اين يكمن مفتاح الحلول، لكن الخوف على مصدر الرزق هو المانع امامهم ليرفعوا أصواتهم للأذن الصحيحة فهي عادة لا ترحم، وردها أحيانا يكون سريع لهؤلاء الموظفين. من اجل الحفاظ “على لقمة العيش” ساءت احوالنا وتخلينا عن الكثير من حقوقنا.