كتب -محمد عبد الرحمن
أكدت الكاتبة والناشطة الثقافية الفلسطينية خلود فورانى سرية، أن أولى خطوات مقاومة الأسرلة التي تجرى يوميًا على قدم وساق للحياة الفلسطينية هي الثقافة، مشيرة «لا أجد أفضل مما قاله شاعرنا الكبير محمود درويش “من يكتب حكايته يرث أرض الحكاية”».
وتابعت خلود فوراني، لـ«اليوم السابع» على هامش مشاركتها بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، «لأن الكرامة هي إكسير الحياة والعقل روحها، فإن دور الثقافة الفلسطينية والعربية هو مقاومة الاحتلال وإسقاطاته على الفرد الفلسطيني. نضالنا هو نضال الكلمة بعيدًا عن العنف، وتنمية الانتماء لعروبتنا وتوحيد صفوفنا للهدف الاسمى، فريشة فنان هي شكل من أشكال النضال، قلم كاتب أو أديب شكل من أشكال النضال، أغنية من حنجرة فنان ملتزم.. قصيدة من قلب شاعر.. حتى إبرة وخيط في يدى حائك هي شكل من أشكال النضال، ألم يكن قلم غسان كنفاني أشرس من البارود».
ووصفت بدورها المنسق الإعلامي والعلاقات الخارجية لنادى حيفا الثقافي، الحركة الإبداعية الفلسطينية بخاصة في داخل أراضي 48 بـ«الزاخرة»، متابعة «فى تأمل للمشهد الثقافي الفلسطيني ومجتمعه الراهن، نلحظ إصرارًا كبيرًا على اقتراح الفعل الإبداعي والمعرفيّ. وإنّ المشهد الثقافي الفلسطيني يزخر بإنتاجات تنتمى لمجالات إبداعيّة عديدة، تحظى باهتمام لا يقلّ عمّا للأدب والشعر، كالغناء، المسرح، الرقص، السينما، التصوير الفوتوغرافيّ، الأزياء، العمارة، الفولكلور، ومختلف أصناف الفنون البصريّة. هذا التنوّع في المجالات، وبهذا الزخم، إنتاجًا وتلقّيًا، لم يعرفه المشهد الثقافي الفلسطيني في فترات تاريخيّة سابقة. ولا يمكن التغاضي عن الانتاج الإبداعي في المشهد الثقافي الفلسطيني ودوره الطموح في درء ويلات المحتل كل بقلمه أو أداته وعبر رسالته الوطنية».
كما أكدت الناشطة الثقافية الفلسطينية، أن نادى حيفا الثقافي الذى أكمل عامه الثامن مؤخرًا، بمدينة حيفا في فلسطين المحتلة، جاء كمحاولة ثقافية للدفاع عن الهوية العربية لفلسطيني الداخل الذين يقعون بين مطرقة الاحتلال وسندان التشكيك في عروبتهم.
وتابعت «سرية» على هامش مشاركتها لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، «كان لمؤسس وصاحب فكرة نادى حيفا الثقافي، المحامي فؤاد مفيد نقارة مشروع طموح، وهو نشر رسالة الثقافة وروح الانتماء لضادنا. فابتدأت بفكرة صالون أدبى وتطور فيما بعد لعقد أمسيات ثقافية مفتوحة يقبل عليها عشاق اللغة وحاملو رايتها والمتذوقون للكلمة وغيرهم كثر من حيفا وخارجها من المدن والبلدان العربية ولم يتوقف الأمر هنا، فوسعنا نشاطنا باستضافة وتكريم أدباء ومبدعين من المناطق المحتلة».
وأوضحت المنسق الإعلامي والعلاقات الخارجية لنادى حيفا الثقافي، أن تأسيس النادي جاء من أجل استعادة مكانة اللغة العربية بفلسطين المحتلة في ظل محاولات تهميشها وتهميش مبدعيها. ففتح النادي المجال لهؤلاء المبدعين لإشهار إبداعاتهم عبر الأمسيات الثقافية تلك التي ندأب على عقدها أسبوعيا كل يوم خميس.
ويشهد نادى حيفا إقبالًا كبيرًا كل أسبوع، كما يحظى بمتابعة الآلاف على منصاته الإعلامية على مواقع التواصل، هنا فسرت الناشطة الثقافية الفلسطينية الإقبال الواسع على نشاطات النادي وأمسياته الثقافية بأنه «رد على قانون القومية العنصري الجائر الذى سُنّته إسرائيل مؤخرا وضد أي قانون يمس بكرامة الإنسان العربي في فلسطين المحتلة».
وبيّنت أنه اليوم وبعد ثماني سنوات من عمر النادي، وبرعاية تامة وغير مشروطة من المجلس الملي الأرثوذكسي الوطني- حيفا، «أقمنا أكثر من 300 أمسية ثقافية لإشهار كتاب بما فيها أمسيات تكريم أديب أو شاعر أو شخصية وطنية، وتمت مناقشة أكثر من 80 رواية في نادى القراءة مع أعضاء النادي. كما أعددنا إحياء موسما للشعر على غرار “سوق عكاظ” الأدبية، بإحياء منبر للشعر “أمسية كاظية حيفاوية”».
واختتمت حديثها بأن «نادى حيفا الثقافي غدا ظاهرة ونموذجا يحتذى به في خدمة مبدعينا والأخذ بيدهم، دون تفرقة، فهم الوجه الحضاري لنا، ولا يختلف عاقلان أن لنادى حيفا الثقافي – الدفيئة الحاضنة لمبدعينا ومبدعاتنا – رصيدا حقيقيا في توثيق ودعم الحركة الثقافية في البلاد».
وشددت خلود فوارى على أن «الاحتلال يحاربنا ثقافيًا بما لا يقل عن محاربته لنا عسكريًا، إلا أن الاحتلال كنفي لهويتنا وثقافتنا الوطنية يفترض أن يُشكل تحديًا يفتح آفاق أوسع للعمل الثقافي والإبداعي. وهذا ما نؤكد عليه ونعمل به من خلال مساعينا الحثيثة وإصرارنا في نادى حيفا الثقافي كذلك باستضافة مبدعين من مناطق السلطة الفلسطينية والشتات الفلسطيني والدول العربية.
وبشأن مشاركتها في الدورة الخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، قالت «تلك هي مصر التي أحب.. مصر التي قابلتها في معرض الكتاب هذا العام، وكأنها إنسان يستعيد عافيته، وينهض لينفض عن جسده رماد الحرائق، في محاولة منه لاستكشاف نفسه».
ورأت «لولا هذه الصحوة التي لم تكن في حسبان أي منّا، لم أكن لألتقي بمصر هذه، وألتقى تلك الطوابير التي تنتظر الدخول إلى قاعات معرض الكتاب لتفتش عن حيوات جديدة فى الكتب ومئات آلاف العناوين بين أجنحة دور النشر العربية والأجنبية المختلفة، تواقيع إصدارات وتكريم شخصيات أدبية، وفى أنشطته وفعالياته المختلفة من ندوات ثقافية وفكرية بمشاركة نخبة من النقاد والباحثين».
واختتمت حديثها بـ«إن معرض القاهرة للكتاب ملتقى الأدباء والمبدعين العرب، حظى بمشاركة واسعة جدا من دور النشر العربية والأجنبية ومن مبدعين ومفكرين أجانب أيضا. ومئات الآلاف من العناوين. وبالتالي فنجاحه ليس نجاحًا لمصر فقط بل هو نجاح للثقافة العربية قاطبة».