يعد المرحوم سليم خوري من اعلام ورواد القص السردي في الداخل الفلسطيني. ولد في قرية البروة المهجرة، مسقط شاعرنا العظيم محمود درويش، العام ١٩٣٤، وانتقل مع عائلته في العام ١٩٤٨ إلى قرية البقيعة، تعلم في الرامة ثم في كفر ياسيف، ودرس في جامعة حيفا، ثم التحق بالجامعة العبرية في القدس، ونال الشهادة بموضوع التربية.
وفي العام ١٩٦٢ انتقل للسكن مع عائلته في حيفا. عمل معلمًا في مدرسة المتنبي الثانوية وفي مدرسة الراهبات الثانوية فالكلية الارثوذكسية العربية.
عمل في الصحافة وأشغل سكرتير تحرير مجلة ” لاولادنا ” للصغار، التي كانت تصدر عن دار النشر العربي، وبعد تقاعده في العام ١٩٨٥ عمل في توزيع الكتب المدرسية. ووافته المنية في العام ١٩٩١ اثر نوبة قلبية حادة.
كتب سليم خوري القصة القصيرة والتاريخية والمسرحية والرواية والنقد الأدبي، وللأطفال، ونشر كتاباته وأعماله القصصية في الصحافة الأدبية والدوريات الثقافية المحلية، كالجديد والمواكب والاتحاد وغيرها.
من مؤلفاته: آمنة، وريث الجزار، الوداع الأخير ، معلمون وتلاميذ، الملك الحكيم، هذا المصير، اجنحة العواطف، قلوب بيضاء، حنين، وفاء البادية، إلى عالم النجوم، الجن والإنس، روح في البوتقة. بعد الأسوار، وجهة نظر.
اختار سليم خوري عناوينه من ريفيته بتلقائية، وهي عناوين واقعية وواضحة جلية. اتصفت قصصه بواقعيتها الشديدة، والتصاقها بحياة الناس الاجتماعية والسياسية، فانتقدت الواقع وعرت سلبياته.
وهي قصص ذات مضامين اجتماعية مسحوبة ومستمدة من واقع الحياة القروية، تصور أحوال الناس وواقعهم المعيش، وترسم جروح معاناة وآلام شعبنا، وتتناول التقاليد السائدة برؤبة نقدية تقدمية معاصرة.
سليم خوري وصًاف ماهر ، متين السرد والحبك، كلاسيكي الحدث، يطغى عنصر المفاجأة والتشويق على قصصه، ويتميز برؤاه السهلة الممتنعة، وحرارة الطرح، وشفافية التعبير وفنيته. نذر نفسه للسرد القصصي وارتقى بالقصة الفلسطينية مع زملائه إلى أعلى المستويات الفنية والتعبيرية، وفي كل ما كتب تطالعنا أحوال الريف والقرية الفلسطينية وأجوائها، بكل ما فيها من بساطة، بعيدًا عن مظاهر الزيف والنفاق والرياء والدجل التي تسود وتلف حياتنا الحديثة.
سليم خوري قاص هادىء ورزين، في قصصه طيبة الفلاح وعفويته، أبطاله وشخوصه من أهلنا وأقاربنا وجيراننا، أناس بسطاء طيبون يعيشون ويتواجدون بيننا، قلوبهم مغمورة بحب الارض والوطن والحياة، أيديهم تفيض عطاءً، وعيونهم تشع املًا، اذا تحدثوا وتكلموا فاح عبق الزعتر البري من حروفهم، واذا مشوا فاحت رائحة المناقيش الساخنة من الطابون. فيزداد حنينا وتعلقنا ووجدنا بالريف الفلسطيني وحياة البساطة والطيبة وحب الناس لبعضهم البعض.
لغته تنسجم والجو العام في قصصه دون تزويق لفظي، تتكئ على تشبيهات واوصاف واستعارات وامثال مستقاة من صميم واقع القرية العربية، وقصصه تعكس تطور القرية العربية، فيرسم ماضيها وحاضرها ومستقبلها برؤية واعية ناقدة.
ومن يقرأ أعمال سليم خوري يظفر بجمال اللغة، وبالمتعة في فن القص، ففي قصصه نقد مرير، وجمال في السرد، ودقة في التصوير والوصف.