الذّاتِيِّ والإنسانِيِّ
إنْ تغزَّلَ أراني جالِسًا في حقلِ سوسَنٍ، تحتَ سماءٍ تُمطرُ فُلًّا وخُزامى على عاشِقَيْنِ بِرَّحَهُما حُبٌّ أُسطوريٌّ والتقيا على غيرِ وعدٍ.. وحينَ يكتبُ عنِ الجرحِ الفِلَسطينيِّ أَرى غرابينَ تسطو على سُنُونُواتٍ هُجِّرَتْ من أَعشاشِها، فأَتعَبَها التَّطوافُ، وأَثقلَها حُلُمٌ يغيبُ معَ غيابِ كُلِّ شَّمسٍ، ويُطِلُّ معَ إطلالَةٍ كُلِّ صباح.. وحينَ يكتُبُ عن الوجَعِ الذّاتِيِّ والْهَمِّ الإنسانِيِّ، أَراهُ يَحمِلُ هُمومَ الدُّنيا على كَتِفيهِ النّاحلتينِ، يريدُ الأَفضَلَ والأجملَ
تساءَلْتُ..؟ كيفَ سأَكتبُ هذهِ الإضاءَةَ وأنا واقعٌ تَحتَ سطوةِ مودَّتي وتقديري لِصديقي سيمون عيلوطي؟ هل سأَكونُ قادِرًا على الكتابَةِ بِحيادِيَّةٍ تُعطيهِ حَقَّهُ كشاعِرٍ نظَمَ فأَبدعَ، وقالَ فأَسمَعَ.. أَم تقودُني صداقَتي إلى حيثُ لا أُريدُ أَنا، وحيثُ لا يُريدُ هو، خاصَّةً وأنا هُنا، لستُ هادِفًا إلى إقْحامِ قَلَمي في مناطِقِ نفوذِ النُّقّادِ الأجلّاءِ، بلِ اعتمدْتُ على ذائِقةٍ تبحثُ في القصيدةِ عن صِدقِ الإحساسِ، وانتِقائِيَّةِ الكلمةِ، وبُعدِ المَرمَى، بعيدًا عن ضبابيَّةِ الرُّؤْيَةِ وهَبَلِ الرُّؤْيا، ودونَ التَّنازُلِ عن فَنَّيَّتِها.
فحينَ أَقراُ قصيدِةً لسيمون أجدُهُ يُخاطِبُ قلبي وعقلي مَعًا.. فإنْ تغزَّلَ أراني جالِسًا في حقلِ سوسَنٍ، تحتَ سماءٍ تُمطرُ فُلًّا وخُزامى على عاشِقَيْنِ بِرَّحَهُما حُبٌّ أُسطوريٌّ والتقيا على غيرِ وعدٍ.. وحينَ يكتبُ عنِ الجرحِ الفِلَسطينيِّ أَرى غرابينَ تسطو على سُنُونُواتٍ هُجِّرَتْ من أَعشاشِها، فأَتعَبَها التَّطوافُ، وأَثقلَها حُلُمٌ يغيبُ معَ غيابِ كُلِّ شَّمسٍ، ويُطِلُّ معَ إطلالَةٍ كُلِّ صباح.. وحينَ يكتُبُ عن الوجَعِ الذّاتِيِّ والْهَمِّ الإنسانِيِّ، أَراهُ يَحمِلُ هُمومَ الدُّنيا على كَتِفيهِ النّاحلتينِ، يريدُ الأَفضَلَ والأجملَ لعالَمٍ يَقضُمُ سَوادُهُ أَبيَضَهُ قَضمةً بعدَ قَضْمَةٍ.
قصيدةُ سيمون عيلوطي تجيءُ نُسَيمَةَ صيفٍ على جِباهِ مُتعبينَ.. ونُقطةَ عِطرٍ على جيدِ غانِيةٍ عاشِقةٍ.. إنَّها زَفرةُ شاعِرٍ إذا أَحبَّ أَخلصَ، وإذا تَأَفَّفَ لا يكرهُ، وإذا أُصيبَ بنَوبَةِ حُزنٍ أَو فرحٍ أَو جُنونٍ، جاءَتْهُ الكلماتُ طَوعًا لِيَنظِمَ منها عِقدَ محّبَّةٍ لِوطنٍ أَكلتْهُ الهَجانَةُ، وصَكَّ وفاءٍ لِشَعبٍ يَنتَزِعُ الفرحَ من شِدقِ السِّعلاءِ انتزاعًا.