ان اللبيب من الإشارة يفهم، العلامات التي نتلقاها من شريحة واسعة نسبيا من الشارع اليهودي عامه واضحة جدا لا يمكن تحريفها او التغاضي عنها ، لا يعقل متابعه حياتنا وكأن الامر طبيعي، من المنطق والواجب والكرامة وعزة النفس يستدعي ان نقف عند هذه الاشارات ونعرف كيف نتعامل معها ،هذا اذا كنا نريد الخير لأبنائنا، على اكتافنا مسؤولية كبيرة اتجاههم واتجاه الأماكن التي نرسلهم اليها، الشارع اليهودي بأغلبيته لا يقبل ان يشاركه أحد في حياته ،مجتمعه، عمله، هو بذاته منقسم على نفسه الى طوائف متنافسة بشكل عنصري، السواد الأعظم منه لا يتقبل الاخر ولا يمكن ان يعتبر أي مجتمع آخر جزءا من نسيج ومركبات الدولة ،حتى شبابنا الذين يخدمون معهم في الجيش بخندق واحد وتحت التهديد والخطر، لا يتقبلوهم الا من باب المجاملة، وكثيرا ما يواجهوا العنصرية خلال خدمتهم.
هذه المعاناة التي تعرض لها الشاب خلال ما يقارب ثلاثة أشهر، وحدها كفيلة لمعرفه ما حدث أيضا للأخرين، تعرض لمضايقات عنصرية من زملائه اليهود في معسكر تابع لسلاح الجو لم يجد من يقف معه او يسانده، حتى الضابط المسؤول عنه كان جزءا من معاناته! كان وحيدا بين عشرات الجنود المشبعين بالعنصرية والكراهية، معاملتهم له كانت عدائية مذلة فقط لكونه مختلف عنهم، ولأنه عربيا، تعرض لمعاملة خالية من أي شعور او حس انساني!، اهانات متكررة وإذا تجرأ على تقديم شكوى فتهمة التحرش جاهزة ضده، ببساطة عليه تقبل الامر وان يعيش بينهم ذليلا! هذه الاحداث ليست جديدة لكن المفارقة ان المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تتفاخر وتصف نفسها بأنها أكثر الجيوش انسانية في العالم في تعاملها مع اعدائها! إذا كانت معاملة “الأصدقاء” هكذا فكيف تكون معامله الأعداء! لا بد من التساؤل في مثل هذه الحالات لو ضعف الشاب وصل الى حالة يأس وأطلق النار على الجنود المعتدين، ماذا كانت ردة فعل الشارع الإسرائيلي والجيش؟ لو ان الشاب كان يهوديا يخدم في دولة أوربية وتعرض لما تعرض له هذا الشاب الدرزي ماذا ستكون ردة فعل إسرائيل و”العالم المتنور”؟
هذه الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ستنتهي كما غيرها ب “صلحه عشائرية” على انها حاله شاذه وبعدها تعود المياه الى مجاريها، ان الضربات الموجعة التي يتلقاها قسم من شبابنا خلال الخدمة الإلزامية كثيره لكن فقط جزء بسيط منها يصل الينا، هذه الاحداث بمثابة جمرة بأيدي القيادات الدرزية عليهم التخلص منها بأي ثمن، والشاب الذي اهينت كرامته مجرد جندي في لعبة الشطرنج امره لا يعني أحد، وأحيانا يلام إذا تجرأ ونشر ما جرى له للأعلام، لأنه يهدد “المصلحة العامة”
للأسف هناك بعض المستنفدين منا يستثمرون موت أي جندي او ضابط لتثبيت وتحسين موقعهم ومصالحهم التي نالوها “عرفان” لموافقتهم وسكوتهم عن الخطيئة والاغتصاب، من المفروض عليهم محاربتها، لكن كونها تخدمهم اعتبروها شرعية، حتى ان قسما منهم ذهب ابعد من هذا الحد بكثير، في لقاءاتهم مع جهات يهودية كان يصرح أحد الابواق ان الخدمة الإلزامية هي واجب ديني مقدس! هذا النفاق لا يمكن استئصاله ما دام جزء كبير من المجتمع مخدر وبعض رجال الدين غير ملتزمين بأصول دينهم، وشباب تجهل هويتها وانتمائها تعيش في تيه غير مهيئ لحياة جديده مع مجتمع غريب وعنصري تحكمه حكومات فاسده “وترعاهم” قيادات منافقة، هذا النفاق هو الهواء الذي يتنفسوه من غيره اندثروا وانعدمت امبراطورياتهم.
لا أطالب القيادات الدرزية بأي عمل لأني لا أتوقع منهم اي شيء، لكن اطلب من الشباب الواعي والمثقف ان يبادر الى المطالبة بإلغاء التجنيد الاجباري المفروض علينا وجعله اختياريا تماما كما حال باقي الأقلية العربية، من يريد ان يخدم له كامل الحرية، عليه اخذ بعين الاعتبار انه يمكن ان يكون أحد ضحايا العنصرية ” المشرعنة” الآخذة بالازدياد بعد المصادقة على قانون القومية الجديد فهو المظلة لمثل هؤلاء الجنود، الجو العام داخل المجتمع اليهودي يسمح بمثل هذه الاحداث ولا يرى بها أي عيب.
لو ارادت قيادة الجيش الإسرائيلي ان تحارب هذه الظاهرة لكانت اجتثتها من جذورها، كما حاربت بقوة مخالفات أخرى مثل التحرش الجنسي داخل المؤسسة العسكرية وسنت قوانين صارمه وسجنت قسم من المخالفين عدة سنين حتى أصبحت هذه الظاهرة نادرة جدا، لكن هناك أولويات ما يهم المجتمع الاسرائيلي ويضايقه يعالج، اما إذا كان بعيدا عنه فلن يحظى بنفس الاهتمام وبالأخص إذا كانت الضحية عربية والظالم يهوديا….. جل ما يكون تقريرا في احدى القنوات التلفزيونية.
خلاصة القول على المتأسرلين الدروز مراجعه حساباتهم بعد ان اقفل النادي ابوابه بوجوههم، اتباع خطاب جديد يحفظ لهم ماء وجههم.