نفتقد في المشهد الشعري الراهن الزاخر بالأسماء، صوتًا طالما شنف آذاننا وغرد في سماء الوطن، صادحًا بأناشيد الحب والشجن والوطن والتراب الفلسطيني.
هذا الصوت الجميل الدافئ الحنون هو صوت الشاعرة ابنة الناصرة المرحومة سناء مصاروة، التي عرفت واشتهرت باسم سناء السعيد، التي رحلت عن عالمنا، كما حياتها بصمت وهدوء قبل سنوات، بعد ان أصيبت وعانت من المرض العضال القاتل، الذي قاومته بشدة الى أن اختطفتها يد الردى.
سناء السعيد هي أخت الشاعرة المعروفة، عاشقة القدس، ايمان مصاروة، قدمت الى الحياة في مدينة الناصرة العام ١٩٥٨، ورحلت تاركة وراءها اوراق مبعثرة وديواني شعر هما ” لن أقول وداعًا ” و ” نقوش على جناحي فراشة “، وسيرة حياتية وأدبية طيبة ومشرفة، وبعض الذكريات الجميلة.
ولا أخفي عليكم حقيقة مشاعري وتأثري الكبير، أنني حزنت وتألمت كثيرًا حين بلغني خبر وفاة سناء السعيد وهي في عنفوان الحياة وأوج العطاء والابداع والتألق الشعري. فقد كانت طيب الله ثراها انسانة فذة ورائعة، وامرأة خفراء حيية، متواضعة الى أبعد الحدود، لا تلهث وراء الأضواء والنجومية، وشاعرة جميلة الحرف والبوح والاحساس.
عرفنا سناء السعيد من خلال قصاندها وأشعارها التي كانت تنشرها في الصحف والمجلات الادبية والملاحق الثقافية الصادرة هنا في بلادنا والمناطق الفلسطينية المحتلة، اذكر منها: الاتحاد، الجديد، الغد، الراية، الميدان، البيادر الادبي، الصنارة، الجماهير، والآداب اللتين أصدرهما الكاتب الصحفي المرحوم عفيف سالم.
وما يميز سناء السعيد هو روحها الشعرية الشفافة، وموهبتها الصادقة الحقة، والحس المرهف، واكثارها من استخدام العبارات الموحية بالحزن العميق والشجن والأسى sوشكوى الزمان والوداع.
سناء السعيد شاعرة فلسطينية حلقت في سماوات الكلمة العذبة، والعبارة الجميلة، والموتيفات الوجدانية الانسانية، والالتزام الوطني بالهم الفلسطيني، وتألقت حروفها في رياض الأدب وبساتين الشعر الندية الفياضة.
فلروحها الرحمة، ولعل هذه الكلمات القليلة تنصفها في موتها، وسيذكرها التاريخ الأدبي بحروف من ذهب وحرير ونور.