المجاملات في مجتمع الأدب آفة عويصة !!
المجاملة في المفهوم الذائع كلمة لطيفة مهذبة تقال للآخر من باب اللباقة أو التشجيع أو الاحترام .. وقد لا تحمل معنى الصدق .. فالغاية منها الانصياع للأعراف الاجتماعية .. أو السلوك الديبلوماسي الرقيق بين الأفراد .. فنحن نجامل الآخرين في المعاملات اليومية منذ تحية الصباح إلى تحية المساء .. لها معنى الطيبة والكياسة ودماثة الخلق .
في المجتمع الأدبي الذي تعكسه المواقع التواصلية .. المهرجانات الثقافية .. اجتماعات الاتحادات والمؤسسات الأدبية .. وهكذا دواليك . في هذا المجتمع المجاملات مطروحة للنقاش كآفة خطيرة .. كمشكلة حقيقية .. لا تسمح للإبداع والمبدعين بجو نقي .. هي تضخيم الأشياء الصغيرة .. وتضخيم الأشخاص الصغار .. فالنص الذي هو لا شيء .. تحوله المجاملة النقدية إلى شيء عظيم !! والكاتب الصغير في القيمة الفنية وبمعيار الأدب يتحول في المجاملات إلى سلطان وملك وإمبراطور الكتابة !!!
المجاملة في مجتمع الأدب عنصر إفساد ..لأنها تغمض العين عن العيوب .. ولا تأخذ بيد المبدع ليتدارك هفواته .. بل تحوّل القبيح إلى جميل ، والغث إلى سمين ، والحجر إلى ذهب !!! المجاملة تصنع الغرور في بعض الكُتاب بالإفراط في التملق إليهم وتزيين ما أفسدوا .. ومن دواعي الأسف أن تصبح المجاملة الزائفة شهادة ووساما يرصع صدر بعض الكتاب ، فيصدقون العبارات الطنانة والأماديح المدوية .. ثم يسيطرون على مقاليد الأمور ، ويحتكرون المقاعد الأولى .. والدعوات الرسمية .. والتكريمات .. والجوائز الدسمة .. لماذا ؟؟ لأن فلانا وعلانا ذكروهم بجملة مجاملة كاذبة أو زائفة .. أو صادقة لغاية التشجيع أو التودد لا غير .. فكانت صكا لدخول عالم العظماء .. فهم وحدهم الأوائل .. وسواهم الذيول !!!
المجاملة كائن خبيث في حديقة الإبداع .. ترفع الوضيع وتخفض السامق !! وتمنع استنشاق نسيم الكلمة الصادقة الراقية المكتوبة بفنية عالية .. وبإيمان عميق بقدرة الكلمة على الانطلاق بروح الإنسان نحو القيم المثالية .
لنكن صادقين .. نثني على من يستحق .. ومن لا يستحق ننصحه برفق وتؤدة .. أو نصمت على الأقل .. ولا نعطيه حجما فوق مقاسه . الكلمة الطيبة لا تفوح برائحة المحبة إلا في التربة الطيبة .
لا للمجاملة في مجتمع الأدب .
الناصرة