ماذا لو اعترف علماء النفس بهذه الفوبيا وتشخيصها علميًا ..!!
لا أريد أن أشعر أني وحيدة حين يفزعني ليلة العيد صوت صفاء ابو السعود، التي تحاول أن تقنعني كم هو العالم فرحان وغلبان، أفلا نستحق أغنية جديدة تفرح القلب مجددًا ؟!
أنا مثلكم أحب الفرح، وكنت انتظر العيد كأي طفلة، ربما والدي لم يشتر لي أغلى الملابس، وحتى لم نعرف مصطلح (العيدية) من قريب أو غريب، ولكنه كان يأخذنا كل عيد في الحافلة إلى حيفا او الطنطورة مع بيت جارنا ابو عماد وعائلته الجميلة، وكنا نعرف معنى الفرح في أبسط الأشياء. رحل ابي ورحل ابو عماد ولم نستطع إعادة هذه المغامرات، وما تبقى من مذاق اليتم كل صباح عيد .
اصبح العيد مختلفًا في الطقوس، جميعنا أصبحنا غرباء في بيوتنا، وفي بلادنا.. نقترض ونستدين المال كي نهرب يوم العيد، لأننا متأكدين انه لن يطرق بابنا اي شخص، وإن طرق فقد يتركنا جثثًا هامدة من عتاب او معاملة غير سوية.
والمثير للسخرية أن الجميع يلتقون في المطار، او الحدود، وكل عائلة تحمل في جواز السفر روشته للاعتذار عن هروبها.
شخصيًا قررت هذا العيد أن لا اهرب وأن أواجه إعصار العيد، ولكن بطريقتي الخاصة.
لن انظف البيت والنوافذ والسجاد، أريد أن أشعر بالحرية، فالنظافة هي قيود، لن أتقبلها في لحظات الفرح .
لن أخرج إلى المولات واشتري الملابس التي لا يحتاجها أولادي، ولن اسمع صراخ الأمهات في المحلات مع ازواجهن.
سأعد الطعام باكرًا وأحاول إقناع أولادي أن نتجمع على طاولة واحدة، ولن أقوم بتصوريهم قبل أن يهربوا إلى طقوسهم.
لن أعايد الجميع وأقول كل عام وانتم بخير، لأني اكره الكذب، والعالم ليس بخير، وأنا بطبعي أكره النفاق والكذب.
ربما أسافر مع صغيرتي إلى مسرح بعيد لمشاهدة حدث ثقافي، والسبب أنني لن أجد هناك(العربي البشع) الذي يقيم الضجة وقلة الاحترام على اي مشكلة بسيطة، ومن المؤكد أن مكانهم في نقط معروفة تزف فيها الجثث كل صباح في أيام العيد.
نعم .. هذا العيد سأخلد إلى النوم، وعندما أتعب سأقيم طقوس شوي اللحم واكل الكعك، وأبتعد عن الصحف وأخبار الحوادث، وعندما تطفى حرائق ومناسك العيد، سأتجمل بأحلى ما عندي من ثياب وزينة، وأخرج ضاحكة، وأطلب السلامة من الجميع النازحين إلى حياتهم الطبيعية.