بمزيد من الحزن والاسف وصلني نبأ وفاة ابن العم، قدس الاب الايكونوموس داود سخنيني (ابو سمير)، الذي كان رمزا للمحبة والتأخي بين جميع سكان البقيعة على مختلف مناهلهم الحياتية والمذهبية،
وفي هذه المناسبة الحزينة، تعود بي الذاكرة الى الوراء، حوالي عشرين عاما، الى ذلك اليوم المشؤم الذي انتقل والدي المرحوم، “الشيخ ابو شريف مهنا مهنا” الى جوار ربه عن عمر ناهز ال84 عاما، بعد ان قارع الارض واكل خبزه من عرق جبينه، راضيا بشظف العيش متمسكا بأرضه مرفوع الرأس تجري في عروقه كل معاني الانسانية، لا يخشى في الحق لومة لائم. احب جميع الناس كل الناس، وكان صديقا للكثيرين ومن بينهم المرحوم ابي يعقوب رشيد سخنيني والد فقيدنا الغالي الخوري داوود، فتآخيا بكل ما تعنيه الكلمة، وربطتهما مودة لا تفرقها اختلاف عقيدة او طقوس او نهج حياتي، بل زادهما مواقفا مشرفة واحترام الناس لهما.
اما نحن ابناؤهم فبقينا على العهد لا يخاطب الواحد منا الاخر ألا “بابن عمي”. وكان الراحل “ابو سمير”، كاهن الرعية الأرثوذوكسية في البقيعة، عنوانا لاستمرار هذه العلاقة، وحمل رسالة والده وكهونته في نشر المحبة والتسامح بين الناس، ونادرا ما مرت مناسبة في الافراح او الاتراح، او أي كانت، الا وكان مشاركا فيها، ألم الناس ألمه وفرحتهم فرحته..
ابن عمي داود، الرحل عنا الباقي في قلوبنا،
ماذا اقول غير، قاتل الله المرض الذي قاومته بشجاعة وايمانا بقول السيد المسيح: «أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ، مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا”، والذي آمن به ايضا شقيقك حنا (ابو واصف) الذي افتقدناه قبل شهور قليلة جراء حادث سير مؤلم، راح ضحيته دون ادنى سبب يعود اليه، فالى جنة الخلد يا ابناء عمي وستبقى ذكراكما الطيبة تعطر ذلك الرابط المقدس بيننا ليستمر مع الاولاد..
ابن عمي نم قرير العين ولا شك، ايضا، ان رِفات والديّنا في مثواهما تبكياكما، ويعزيها اننا سرنا على نهجنهما وعلى هذا الطريق نسير. ورحم الله جميع الموتى.
الشيخ مهنا شريف مهنا