عشرون …وذكريات بقلم : عدلة شدّاد خشيبون

رفرفت حمامة السّلام وزغردت شحرورة الوادي
أمّاه من الفراق كان العشرون ..ومن الحنين كانت عشرات السّنون
لم تعلني ذهابك ..ولا أظّنك رتّبت حقيبة سفرك
لم ألمح الغربة في عينيك
ولم أنجح في التّسلل لأعماق فكرك
عشرون يا أمّي
سجّل التّاريخ غيابك
وأنا لم أسجّل في دفتري لحظة واحدة لأنّك أنت معي كنت وما زلت.
في الصّباح أستيقظ على صوتك وأشمّ رائحة القهوة فتفعل فعلها
في إكسابي ذاك النّشاط الرّوحانيّ الكبير، فنجان الحليب ينتظرني والزّوادة سبقتني
أمّاه ..سألتني جدتّي ألا تعرفين  “لفّ الدّوالي”؟؟ ضحكت وقلت لها لا يا جدّتي فأنا أتقن ذلك ولكنّ أحبّ طعم الورق من دفء أصابع أمّي .
أمّاه ..أتذكرين آخر طبخة حضرتها لي ولأولادي على أمل أن نأكلها في البيت
…الان سابوح لك بالسّر
فقد قدّمناها في قداس ذكراك الثّالث  والكلّ أكل منها فكانت كالقربان لنا أجمعين

العشرون كغربة الرّوح دقّت على الابواب ..ودخلت بلا دستور لا ولا استئذان.

وها هي بكامل هيئتها تحاصرك وتلتمع على جبين ذكراك

كبرتِ يا أمّي هناك ..فقد أراك صبيّة فتيّة جميلة وأكثر

لا لا تسأليني عن أحوالي ..فكلّها بخير لأنّكِ ما زلتِ بكلّ دقيقة تحتويني

لتكن ذكراك مؤبّدة ..وليكتب التّاريخ أنّك من أجمل أجمل الامّهات على مرّ الايّام والسّنين. في ذكرى العشرين لانتقالك الابدي  إلى حيث الملائكة عليك حارسين .

 

 

 

( الكاتبة من مواليد البقيعة ومتزوجة في كفر كنا ـ قانا الجليل)

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .