استضاف مركز محمود درويش الثّقافي البلديّ مؤخّرًا، يوم الأربعاء الموافق 9 أيّار مايو 2018، الدّكتورة جهينة خطيب ابنة مدينة شفاعمرو في محاضرة بعنوان “تعالقات التّناصّ الأسطوريّ في كتاب خميل كسَلها الصّباحيّ للأديبة منى ظاهر”. جاء هذا اللّقاء برعاية بلدية النّاصرة، دائرة الثّقافة الرّياضة والشّباب، وحضره لفيف من نخبة من المثقّفين والمهتمّين والدّارسين، الّذين استمعوا إلى محاور الدّراسة، منها:
- النّصّ الأسطوريّ؛ إلى أيِّ مدى ارتبطت الأسطورةُ في مخيّلةِ منى الشّعريّةِ وهل نجحت في خزفيتِها النّصيةِ على مستوى الفكرةِ والمعنى.
- مرجعيةُ الدّلالةِ وخصوصيّةُ اللّغةِ الشّعريّةِ في شعرِ المؤلّفة، من خلالِ ثيماتٍ ثلاث: العشقِ الأنثوي، عشقِ الرّجلِ وعشقِ الوطنِ.
ومن أهمّ ما جاء في تحليلها:
- إنّ النّصوص تتشابكُ لدى منى ظاهر بتركيبٍ فسيفسائيّ ـ لا يمكنُ فهمُ نصٍّ دونَ الآخرِ، لنحلقَ معها في عالم الأساطيرِ، وتستلهمُ الكاتبة الأسطورةَ وتوظّفُها لتعبّرَ عن تجاربَ معاصرةٍ فتتقنّعَ بقناعِ الشّخصيّةِ الأسطوريةِ لترسمَ أحاسيسَها من خلالها. ولكي ندخلَ إلى عالمِ الشّاعرةِ الأسطوريِّ علينا أن نتسلّحَ بخلفيّةٍ ثقافيّةٍ عن الأساطيرِ لفكِّ رموزِ شعرِها.
- ترسمُ منى بالكلماتِ خزفيّةً نصّيّةً مكوّنةً من ثمانٍ وأربعين “شذرةً ” فيها تصويرٌ لخلجاتِ القلبِ وشهواتِه ورغباتِه في ظلِّ العلائقيّةِ الوجوديّةِ بين الرجلِ والمرأةِ.
- ما يميّز كتاباتها الإبداعيّة تفرّدها عن الكتاباتِ النِّسويةِ الأخرى، وكأنها خرجت من السِّربِ لتعزفَ سيمفونيّةً خاصّةً بها وحدَها، ويتضحُ هذا في جنوحِها نحوَ مشاعرَ مختَلطةٍ من لحظاتِ العشقِ والاشتهاءِ إلى صرخاتِ التّمرّدِ الأنثويِّ في ظلِّ نسيجٍ يصفُ نكبةَ الفلسطينيِّ.
وفي المحصّلة فإنّ هذه العلاقة الحلم والخزفيّة المترابطة والمرابِطة لعشق الرّجل والمرأة والوطن، هي أشبه بلغز كلمات متقاطعة، وكأنّ بالشّاعرة تقول: ولأنّني عشقت الصّورة الأولى أفضّل أن أفقد البصر، وفقدان البصر هنا بالمفهوم الإيجابيّ، أن أرى ما أريد وأحقّق ما أريد وسط عالم أسطوريّ يفوق العقل البشريّ فهمًا ودرايةً.
هذا وقد عرّف الضّيوف وأدار الأمسية الشّاعر القدير مفلح طبعوني وقدّم لها بأسلوب متميّز وشائق، وقد أشار إلى أنّ محاضرة موسّعة في الكتاب قدّمتها خطيب في مؤتمر علميّ في جامعة الزّيتونة في عمّان الأردن قبل سنتين.
قدّمت الكاتبة والباحثة النّصراويّة منى ظاهر قراءات أدبيّة وشعريّة، ونوّهت إلى أنّ خميل كسلها الصّباحيّ- خزفيّة نصّيّة لرفسة غزال هو نصّ ضالّ رافض للتّجنيس، صدر بطبعته الأولى في الأردن وبطبعته الثّانية في الجزائر، وقد لاقى اهتمامًا في العالم العربيّ.
وتخلّل اللّقاء فقرة فنّيّة موسيقيّة بصوت المربّية الفنّانة ميّادة لوباني هيب بمرافقة عازف العود موفّق عبد الفتّاح. وقد أبدعا معًا بصوت شجيّ ونغم ساحر في أداء أغنيات تراثيّة وكلمات صوفيّة.
والختام كان بتساؤلات ومداخلات قصيرة من الجمهور الحاضر، والّتي أجابت عنها المحاضِرة والكاتبة باقتضاب وإيجاز من داخل دفيئة الثّقافة في المركز، والّذي حضن في هذا المساء تناغمًا في البحث والشّعر واللّحن مع النّغم.