إن العقل السليم في الجسم السليم، العقل هو الهبة الإلهية للإنسان، ولأهمية العقل وجلال قدره، وسمو منزلته، ورفعة شأنه، وجب علينا المحافظة الكاملة الشاملة على سلامته وسلامة الجسم، وتجنيبه من كل اذية وكل ما يعوقه عن أداء وظيفته التي خُلق من أجلها، ألا وهي توحيد الله سبحانه وعبادته والاستعانة به على قضاء الاحتياجات الحياتية، ووجب ذلك من خلال قدسية الحياة.
تلك النعمة العظيمة التي منحها الله سبحانه للإنسان واستأمنه عليها، وعظّم حرمتها، وجعل أمرها بيده.
بناءً عليه وجب علينا أن نحافظ على الأمانة، لأن جسم الإنسان ليس ملكا له، بل هو وديعة الله سبحانه. وقيل النظافة من الإيمان، لأنها ركن من أركان الإيمان بما تحويه من معنى، نظافة الأبدان، نظافة الفكر، نظافة النوايا، نظافة الكلام والنظر، ونظافة العمل، لأن نظافة الجسم مرتبطة كليًا بنظافة الإيمان بالله سبحانه، هذا يضمن الصحة الحسية، والصحة النفسية، ونجد أن من أوائل ما نزل في القرآن الكريم سورة المدثر تبدء بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) المدثر). صدق الله العظيم.
وحديث رواه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: ما ملأ آدمي وعاءً شر من بطن ٍ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه، وفي سورة الأعراف قال تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (الأعراف 34). صدق الله العظيم.
ومما جاء في شرح للعالم العلّامة وحجة العصر والأوان نقيب الأشراف في دمشق السيد الأمير جمال الدين عبد الله التنوخي ” قدس لله ذكره ” حيث قال: “المعدة.. حقيبة إذا ثقلت صعب على صاحبها النهوض بالسنن والفروض”، وأكد على ارتباط علم الأديان وعلم الأبدان بعضهما ببعض، فإذا ضعف أحدهما ضعف الآخر، إن الله يحب المؤمن القوي بإيمانه وجسده، ورسم نهجا صحيا صحيحا اعتمد فيه على علوم الدين والطب وأوصى بأن يكون الطعام مصدره حلال، جمعه في حله، وصرفه في محله، لا تقتير ولا تبذير، أن يتناول الإنسان طعامه على جوع “معدة فارغة” وأن يأكل باعتدال، وأن يمضغ الطعام جيدا، وأن لا يكون على طبقه أصناف متعددة، وأوصى بممارسة الرياضة قبل الطعام مما لها أهمية صحيّة لترويض أعضاء الجسم ورشاقته وحرق الدهون والسكر الفائض عن الحاجة تفاديا لما يسبب بقاؤها داخل الجسم من أمراض خطيرة، وأنه على الإنسان أن يأخذ قسطا من الراحة بعد انتهائه من تناول طعامه، وأن لا يشرب الماء أو السوائل إلا بعد مرور فترة زمنية لتمكين المعدة لإكمال عملية الهضم، ونصح بشرب الماء البارد ” غير المثلج ” وعلى رشفات وليس دفعة واحدة، وأكد أهمية نظافة الإنسان في الأبدان والإيمان ونظافة البيئة من حولنا.
بعد كل ما علمناه من حرص الأديان وتوجيه الإرشادات للمحافظة على صحة الإنسان الحسية والإيمان بالله سبحانه واليقين بصحة المنهج أيقنا أن يَقيني… يُقيني… يَقيني بالله يُقيني من الأخطاء والأمراض.
نسأله تعالى أن يقيَنا وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يلهمنا الخير وصلاح السبيل إليه… آمين يا رب العالمين. والصلاة والسلام على أنبيائه ورسله أجمعين.