المختصر المفيد في كتاب “كيف نواصل التنكيل بالطائفة الدرزية”  للكاتب هادي زاهر// رائد محمد الحواري –  نابلس

 

رائد محمد الحواري

عندما يهتم الكاتب بقضايا شعبة ووطنه بالتأكيد سيصل صوته إلينا، وسنكون عند حسن ظنه بنا، الكتاب الذي بين أيدينا كتاب بسيط، فقد تم صياغته بطريقة ساخرة، وقدم بشكل سلس وسهل بعيد عن التعقيد، لهذا يمكن لأي قارئ أن يتقدم منه بيسر وسهولة.

الكتاب يطرح الطرق والاساليب والنهج الذي يسلكه المحتل في الهيمنة وتروض احدى الشرائح في المجتمع الفلسطيني، فهو يتناول ادق التفاصيل التي تتعرض لها الطائفة الدرزية، وكلنا يعلم أن الاحتلال الانجليزي لفلسطين استخدم سياسة (فرق تسد) من هنا كان يستخدم التناقض بين العائلات لتوطيد هيمنته على الشعب الفلسطيني، وعندما جاء الاحتلال الاسرائيلي استمر بهذه السياسة، فعمل على تفتيت المجتمع الفلسطيني إلى دروز ومسلمين ومسيحيين وشركس وبدو و.. و، بحيث ينفرد بكل جماعة على حده، مما يسهل عليه الهيمنة واختراق وحدة الشعب الفلسطيني.

ما يثلج صدورنا أن هذه السياسة اصبحت مكشوفة عند شعبنا، من هنا كانت “القائمة العربية الموحدة” في الآونة الأخيرة كرد على سياسية الاحتلال، وجاء هذا الكتاب ليضيف مزيدا من المعرفة، وليعري المحتل وكل الطرق والاساليب التي يستخدمها لتفسيخ وحدة الشعب الفلسطيني.

الكاتب “هادي زاهر” يتقمص دور “مستشار رئيس الحكومة للشؤون العربية و(الدرزية) و.. و على حد تعبيرهم، وضمن حبكته الفنية يعرض على لسان مستشار رئيس الوزراء الجرائم التي ارتكبها الاحتلال بحق  الطائفة الدرزية، كاقتراحات لتنفيذها، او متفاخرا بارتكابها، من خلال ذلك يبدأ بفضح نهج دولة الاحتلال، ويقدم حقائق عن الفلسطينيين من الطائفة الدرزية الذين رفضوا أن يتجندوا لهذا السبب  خاصة وإن الآلاف من شبابهم دخلوا السجون، “وهناك عاملناهم بقسوة وعنف” ص65، ورغم الضغوط الاقتصادية والمعيشية التي فرضها الاحتلال على الشباب ومع هذا بقى العديد منهم يرفض الخدمة والتي وصلت نسبة رفض التجنيد لدى الشباب الدروز 54% ص65، فرغم ضعف التعليم والطريق التي ساهمت في عدم تكملة الدراسة لدى العديد من الطلاب فأن 70% من الطلاب الدروز الذين يحصلون على شهادة “بجروت” يفشلون في اجتياز امتحانات القبول لجامعات” ص72و73، ويذكر بان هناك مدارس ما زالت في غرف مستأجرة او في حاويات تصلح للشحن والتخزين” هذا على صعيد التعليم، فكيف هو الحال على صعيد العمل، الزراعة أو الصناعية أو التجارة؟ يستمر الكاتب في عرض الواقع على لسان مستشار رئيس الحكومة:

“معمل القضماني للصلب والحديد في يركا، والذي كان يعمل فيه ما يقارب الألف عامل من خيرة المهنيين … نجحنا في تسكيره، وأنا اقترح وعلى غرار نجاحنا هذا، أن نعمل على ضرب التجارة الكبيرة والمتطورة الموجودة الآن في هذا البلد… صادرنا لهم أرضهم ولم يبق لهم إلا القليل مما كان لهم عام 1948” ص68، من هنا يغلق الاحتلال كافة المنافذ أمام الشباب بحيث يجبرون على الذهاب إلى الخدمة العسكرية.

هذا ما يمارس على صعيد التعليم والتجارة والصناعة، لكن هناك وسائل أخرى يستخدمها الاحتلال لتهيئة المجتمع وقبوله بما يقدم له من فتات، فنجد الاحتلال يستخدم لعبة الطائفة من خلال “التراث الدرزي” والذي “حقق كل ما حلمنا به وسهل علينا إذلال هؤلاء الدغوز” ص75.

قد يعتقد البعض أن هذه الطرق والأساليب سيكتفي بها المحتل لتثبيت سيطرته وهيمنته على شعبنا في 48، لكن في حقيقة الامر ان الاحتلال  كلما أنهى مرحلة  أراد أن  يتقدم إلى مرحلة أخرى  جديدة ، بحيث لا تقوم للشعب  الفلسطيني  قائمة في المستقبل، من هنا نجده يعمل  على ابعاد الفلسطيني عن لغته العربية “حيث من البديهي والمعروف للكبير والصغير أن الذي  يفضل  لغة الاخر على لغة امه  يصل لحالة من الضياع  والشلل مما يوصله للحالة المرجوة لنا” ص 76، ويضيف مستشار رئيس الحكومة فيقول: ” من الضروري أن نمحي لهم ذاكرتهم عندها سيشعرون بالغربة  فتقل مطالبهم  ويكتفون بالفتات الذي نرميه لهم” ص 77. بهذه الأسلوب يتم اضعاف الدرزي العربي الفلسطيني في ال 48.

ويستمر المستشار فيقول: “علينا التغاضي عن المجرمين.. عن تجار المخدرات.. عن اطلاق النار في الاعراس والمناسبات لكي يسهل عليهم استعمال الذخيرة الحية عندما يختلفون مع بعضهم، وعلينا إذكاء الخلافات  فيما بينهم  وتقويتها  اكثر  وابقائها إلى ما لا نهاية ” ص 80. ويستمر المستشار في اقتراحاته

” يجب تحطيم بنية المجتمع وتشويه كيانه.. تغريبه وافقاره.. وجعله في صراع مع نفسه، وهناك جانب اخر، علينا أن نمنع فتح النوادي ومراكز جماهيرية لإبقاء اولادهم يتسكعون في الشوارع ليكونوا عرضة للوقوع في الجريمة ص 81

إذن الاحتلال يحول المدينة إلى خرابة والسهل الأخضر إلى صحراء قاحلة والمجتمع المتمدن إلى قبلية، والإنسان السوي إلى مجرم، كل هذا سيجعل الفلسطينيين يرضخون ويتجندون في اذرعة الامن المختلفة، وعلينا تحويل المجندين من بينهم ليواجهوا ذويهم.. الاب الذي يريد المحافظة على ارضة ليورثها إلى ابنه الجندي يجد نفسه عاجزا عندما يواجه بهذا الابن” ص 87

وهناك خطط أخرى يستخدمها في تخرب المجتمع وتشوه قيمه، وجعله “في مهب الريح” كلها وسائل علينا كفلسطينيين أن نكون في حذر منها وأن نكون واعين لما يحاك لنا من قبل محتل يستخدم طرق شيطانية للإيقاع بنا.

الكتاب قدم باللغتين، العربية والعبرية، وهو من اصدارات لجنة المبادرة العربية الدرزية، مطبعة شفا عمرو، 2018.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .