كلمة الشاعر حسين مهنا في حفل تكريم مفيد مهنّا

 

خيرُ الكلامِ ما قلَّ ودلَّ ولم يُطَلْ فيملَّ قالَها عليّ بن أّبي طالب، وقيلَ ولدُه الحسن – رضيَ اللهُ والأدبُ والعِلمُ عنهما – واللهُ أَعلمُ.
أَهلاً وسهلاً بالحاضرينَ الكرامِ، من مُستمعينَ ومن مُتكلّمينَ، مع حفظِ الأَلقابِ.
باسمِكم جميعًا نبدأُ هذهِ الأُمْسِيَّةَ التَّكريمِيَّةَ- وبِحقّ- للرَّفيقِ مفيد مهنّا..
لم يأْتِ من عالمٍ مُرفَّهٍ يشكو من التَّخَمِ في الأَكْلِ ولا من ترفٍ في المَلبَسِ وفي المَسكَنِ، بل جاءَ من عائِلةٍ فلّاحيَّةٍ فقيرةٍ تسكُنُ بَيتًا من تُرابٍ وتنتزعُ قوتَها من تُرابٍ.. فنشأَ على حبِّ الأَرضِ، مُؤْمنًا أَنَّها ليستْ تُرابًا وحجارةً فقطْ بل هي انتِماءٌ. انتماءٌ لِقريتِهِ ولجليلِهِ ولبلادِهِ بما تحملُ من حلوٍ ومن مُرٍّ.
لم يكنْ أَيُّ تكلُّفٍ أَو تصنُّعٍ في حياتِهِ الّتي بدأَها – وعن سابِقِ وَعْيٍ- تعاونِيًّا، فأَحبَّ أَهلَهُ وجيرانَهُ، وأَهلَ قَريتِهِ بطوائِفِها الأَربعِ، واتَّسعتْ رُقعةُ حُبِّهِ فأَحبَّ شعبَهُ، وأَحبَّ كلَّ إنسانٍ على هذهِ الأَرضِ…كُلُّ هذا ولم يكُنْ على درايَةٍ بأَنَّهُ يسيرُ على دربِ ماركسَ ولينينَ العَظيمينِ. وحينَ انتسبَ الى الحزبِ راضِيًا مَرضِيًا، واصلَ تعلّمَهُ الّذي انقطعَ في المَرحلةِ الثّانويَّةِ، لقصرِ ذاتِ اليَدِ، في الاتِّحاد السّوفييتيّ فشربَ الأُمميَّةَ الّتى لَها وبِها رسمَ خارطةَ حياتِهِ واضِعًا حدودَها الثّابتَةَ، يحدُّها شَمالاً الصِّدقُ في القَولِ والعملِ، وشرقًا الإيمانُ بالإنسانِ،وجنوبًا بالعدالةِ الاجتماعيَّةِ، وغربًا بأَنَّ كلَّ شيءٍ على هذهِ الأَرضِ في خِدمةِ الإنسانِ. فجاءَتْ كلماتُهُ في مَجلَّةِ الغَدِ لا تحيدُ عن هذِهِ المبادِئِ. وعندما غابَتْ شمسُ الغَدِ تحوَّلَ قلمُهُ ليُعطي الاتّحادَ والجديدَ ما عندَهُ من مكنوزٍ إنسانيٍّ؛ فجاءَتْ أَدبيّاتُهُ لتسُدَّ فراغًا في بُنيانِ أَدَبِنا المحلَّيِّ الشّامِخِ، مُعتمدًا على الفُكاهةٍ وعلى المَثلِ الشَّعبِيِّ بأُسلوبٍ مُستَملَحٍ شائِقٍ أَثمرَ في النَّهايةِ كتابَينِ هما عيش كثير بتشوف كثير، وهيك النّاس وبعدَ أَنِ اكتسبَ الخبرةَ والشَّهادةَ الصَّحفيَّةَ بنى موقعَ الوِديان فاتحًا بهِ نافِذةً على أَحداثِ قريتِهِ ووطنِهِ وهذا العالمِ الرَّحْبِ.
لم يكن الرَّفيقُ مفيد من الَّذينَ يُلقونَ أَسلحتَهم ويجلسونَ على ركام خيباتِهم يلعنونَ الحظَّ والزَّمانَ، إذ كيفَ يكونُ ذلكَ وهو الشُّيوعيُّ الَّذي آمنَ دائِمًا بأَنَّ اليومَ أَفضلُ وأَجملُ من الأَمسِ وأَنَّ الغَدَ أَفضَلُ وأَجملُ من اليومِ، ولا بُدَّ للعدالَةِ الاجتماعيَّةِ أَن تَنتَصرَ طالَ الزَّمانُ أَو قَصُرَ..
وبَعدُ:
قالَ الشّاعرُ العراقِيُّ الخالدُ جميل صدقي الزّهاوي:
يَرفعُ الشَّعبَ فريقانِ إناثٌ وذكورُ
وهلِ الطّائِرُ إلّا بِجناحَيهِ يَطيرُ
فشَهرَبانُ زوجتُهُ ورفيقتُهُ في الحِزبِ كانَتْ ولا تزالُ عونًا لهُ على عثراتِ الحياةِ.. مباركَةٌ عائِلةٌ كَهذهِ.مباركةٌ هذهِ الأُمْسِيَّةُ بهذا الجَمْعِ الكريمِ وبكَ يا مفيد…أَمَدَّ اللهُ في عُمرِكَ.

* ألقيت بمناسبةِ تكريم الرّفيق مفيد مهنّا بتاريخ 23/2/2018 برعاية الحزب الشّيوعي – فرع البقيعة.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .