الوقفة الأولى… مع النّعام.
الفرق بين النّعام حين يطمر رأسه بالرمال والإنسان حين يفعلها شاسع، فالنعام يفعلها غريزيّا وعن “حسن نيّة” لحماية نفسه، أمّا حفيد آدم فيفعلها عن سوء نيّة، وأبدا ليس لحماية نفسه وإنما للهروب من حقيقة نفسه غالب الأحيان، هذا إذا كان في ثناياه بقايا ضمير.
فإلى كلّ هؤلاء الذين طمروا رؤوسهم في الرّمال، أو التراب من أي صنف كان، لا حاجة لذلك و-“بُقّوا الحصوة”، فلو أن الأمر كان معكوسا بين دالية الكرمل وكفر قرع لما اختلف الحال، هذه هي الحقيقة المرّة وكل رمال شواطىء المحيطات والصحاري، لن تغطّي رؤوسنا.
الوقفة الثانية… مع أمّ الزينات والكفرة.
عندما حلّت النكبة بشعبنا عام 1948م وجد أنفسهم الكثير من أهالي القرى التي رحلت أو رُحّلت، يحطّون رحالهم في قرى جارة قرّر أهاليها أن يبقوا، وهكذا حطّ أهالي أم الزينات في دالية الكرمل فعُزّزا وكُرّموا وبقوا. أولادهم تعلّموا مع أطفال دالية الكرمل وما نُزعت أخلاقهم، والمعلّمون منهم علّموا في مدارس دالية الكرمل وما نزعوا أخلاق أطفال الدالية. والحقيقة الأخرى أن للمعلمين والمديرين “الكفرة أو المشركين” المسيحيّين فضل على كلّ قرانا من حورة جنوبا مرورا بكفر قرع والدالية وانتهاء بحرفيش وطوبا، ولم ينزعوا أخلاق أبنائها.
الوقفة الثالثة… كل عام وأنتم بخير.
نحن عشيّة عيد الأضحى، وبالمناسبة أنا إنسان علمانيّ، فهلّا أخبرنا أتباع تنابل عصر المماليك وتنابل عبد الحميد وأحفادهم الدواعش والنُّصْريّون، لماذا يعيّد الدروز هذا العيد؟!. لكن ليس المهمّ هؤلاء، المهمّ كل أولئك ومن أهل السنّة عينيّا الذين طمروا رؤوسهم في الرّمال، معتبرين أن هذه الأصوات ما هي إلا أعشاب ضالّة، وهذا صحيح، وقليلة، وهذا غير صحيح، بدل أن يقرّوا أن هذه الأعشاب تملأ حقولنا إلى درجة أن سنابلها هزُلت!.
الوقفة الرّابعة… مع حاييم وايزمن.
كلّ من كلّف نفسه قراءة تاريخ شعبنا الفلسطينيّ الحديث، محاولا أن يفتّش عن جذور النكبة ويتعلّم، يعرف أو على الأقل يجب أن يعرف أن الحركة الصهيونيّة ما دخلت بيوتنا إلا من أبواب مثل هؤلاء الدواعش والنُّصرويين، ومن كلّ الطوائف والمذاهب وتماما حسب النسبّة المئويّة لكل منها، لا فضل لسنيّ على درزيّ على مسيحيّ ولا العكس إلا من اتّقى نفسه. فحاييم وايزمن رئيس المنظمّة الصهيونيّة حينها والرئيس الأول لدولة إسرائيل لاحقا، يا تنابل، زار فلسطين واستقبله زعماء كبار من رئيس بلديّة حيفا حينها حسن شكري، إلى رئيس بلديّة نابلس حيدر طوقان إلى زعيم العشيرة الكبيرة عبد الحميد أبو غوش، وما أن أنهى الجولة حتّى وجه الدائرة السياسيّة في المنظمة أن تضع استراتيجيّة من شأنها تسهيل هجرة اليهود، ووضعتها وفي صلبها كان: “دقّ الأسافين بين طوائف الشعب الفلسطينيّ المختلفة لضرب الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة التي كانت بدأت تتبلور “، والتفاصيل كثيرة والنتائج بائنة، ولا مجال للدخول فيها في هذا السّياق، ولكن وعذرا من القراء “الحمار ما يدق مرتين”… كفى!!!
الوقفة الخامسة… مع التجنيد.
البعض راح يبرّر أن الحملة ضد انتخاب المدير “الدّرزي” هي بسبب خدمته في الجيش الإسرائيلي. وهذه تماما كما “حكاية ابريق الزّيت”، كًتب فيها الكثير وقيل فيها الكثير، وحتّى لا يُساء الفهم وكي يعلم، لا يفهم إذ الفهم منهم براء، أولئك التنابل، فالكاتب من ضحايا هذه الجريمة التجنيد الإجباريّ. ولكن في هذا السياق أوجّه من يريد أن يفهم، وأي كان، إلى ما كتب بروفيسور رياض إغباريّة في الموضوع و- “عمّك جوجل” رهن الإشارة.
الوقفة السادسة… والفتنة أشدّ من القتل ولعن الله من يوقظها.
لا أعرف الدكتور أيال العيسميّ المدير الفائز في المناقصة، ولكني سمعته في مقابلة إذاعيّة بعد أن تنازل عن فوزه، ويكفيني منه أنه قال: “حين كنت أقوم كلّ صباح وأقرأ النقاشات الدائرة على المواقع وما دار في بعض الجوامع ىفي كفر قرع، قرّرت أن أتنازل عن فوزي، لأني لا أريد فتنة” (هكذا- !)، استعمل المدير هذه الكلمة “فتنة”، وهذا يوصلني إلى خلاصة أن كفر قرع خسرت مديرا !
الوقفة السابعة والأخيرة… مع اللّعنات.
الأقليّة العربيّة الفلسطينيّة في الداخل حقيقة أبديّة وهذا ما تدركه وتفهمه المؤسّسة الإسرائيليّة جيّدا، فهي لا تستطيع ضرب هذا الوجود ترحيلا ولذا يجب أن تضرب هذا الوجود شكلا ليظلّ تحت سيطرتها، فتضربه بالعنف والمخدّرات و… و… والتخلّف والطائفيّة وهذه أم الفِتن، فلعن الله، ولعن كلّ رُسله، ولعن كلّ طفل، ولعنت كلّ ذرّة تراب، وكلّ زهرة صبّار، مثيريها وأكثر الطامرين رؤوسهم في الرّمال.
سعيد نفاع
29 آب 2017