وداعا” يا أخانا الذي لم تلده أمّنا

‏‏לכידה

 

قبل لحظات معدودة, لم تزد عن بضع دقائق,قرّبت الكرسي الذي كنت أجلس عليه الى جوار الكرسي المتنقل الذي كان يجلس عليه أخي سليمان,أبو نضال (بسبب الجلطة الدماغيّة التي المّت به منذ حوالي الشهرين. نتمنّى له الشفاء العاجل)  في ساحة الدار خارج منزله وقلت له أنّني زرت أبا سامي أسعد قبل يومين في مستشفى صفد(وكان يرافقني في تلك الزيارة زوجتي وزوجة أخي سليمان )وأنّني أعرف حقّ المعرفة العلاقة التي تربطك به وأعرف مدى المحبّة التي تكنّها له ,وأعرف أنّه يعتبرك أخا” له كما أنّك تعتبره أخا” لك مثلنا  تماما” ,نحن أخوتك الثلاثة ,ويشهد على ذلك تسجيلك اسمه في قائمة أسماء أخوتك في مركز التأهيل في بيت لفنشتين في رعنانا, لكنّني أود أن أخبرك أنّني أحسست خلال الزيارة أن وضعه الصحّي لا يبشر بالخير ,فعليك يا أخي وعلينا  ,ومع كلّ الألم الذي ينمّ عمّا سأقوله لك , أن نكون جاهزين لسماع أسوأ خبر يمكن أن نسمعه .أنا أعرف أنّ الأعمار بيد الله لكن يمكن أن تسمع الخبر في أي لحظة,وربما بعد ساعات أو بعد أيام وربما بعد أشهر أو سنين وربما نسبقه الى المنيّة ,ويجب عليك أن تتوقّعه وتكون حاضرا” نفسيّا” لذلك لكي لا تتفاجأ .

لم أكد أنهي أقوالي تلك حتّى خرجت زوجة أخي سليمان من داخل الدار وبيدها الهاتف المحمول وهو مفتوح ونظرت اليّ وأشارت الى الهاتف باصبعها ,عندها فهمت أنّ الخبر المتوقّع قد جاءها من أحد ما ,لكنّها لم تمهلني لأسأل وقالت أنّ ابنها رازي تلقى خبر وفاة أبي سامي وهو يخبرها بذلك.

أخبرت أخي سليمان بذلك فانفجر بالبكاء الشديد وكذلك فعل الحاضرون جميعا”.

نعم ,مساء يوم السبت 17.06.17 قد غيّب الموت عنّا أخانا الذي لم تلده أمّنا ,أخانا أبا سامي أسعد محمد صالح شوفاني,وبعد ثلاثة أيام فقط من وفاة أخيه أبي عنان جمال صالح ,رحمهما الله.

لقد رحل عنّا أبو سامي دون أن يعلم أن أخاه جمال سبقه الى لقاء ربه قبل ثلاثة أيام, فقد آثر الأخوة والأولاد والأهل والزوجة المتفانية في خدمته , والذين تواجدوا بجانب سريره في المستشفى, أن يجنّبوه ,وبحقّ,ألم وفاة أخيه وكانوا حريصين أنّ كلّ زائر يأتي اليه ,بعد وفاة جمال,أن لا يذكر على مسمعه وفاة أخيه .وهكذا كان.

نعم لقد رحل عنّا أبو سامي والأهل والأقارب والأصدقاء في أمسّ الحاجة اليه,فقد كان المؤازر والمواسي في الشدائد والنكبات.لقد فقدنا برحيله رجلا” قلّ أمثاله في المجتمع.

فقدنا أخا” وفيّا” وصديقا” مخلصا” ,فقد صادق الكثيرين وصادقوه فأخلص في صداقته وكان صادق القلب واللسان.

لقد تفانى أبو سامي في خدمة الناس جميعا” في كلّ الوظائف التي تبوأها ,ان كان ذلك في خدمته العسكرية أو من خلال شغله لمنصب سكرتير صندوق المرضى العام في المغار ولسنين طوال دون تمييز بين الطوائف والعائلات أو بين صغير وكبير.

لقد ضحّى بوقته وبماله ,براحته وبسعادته ليريح الآخرين ويسعدهم  .

قد عرفناه ورافقناه في السرّاء والضرّاء ,فكان مثالا” للرجل الشهم المقدام,شجاعا” في أقواله وأعماله .لم يستغب الناس ولم يقلّل من احترام أحد ,بل على العكس عامل الناس جميعا” بمودّة واحترام ,بتواضع ومحبّة.

رغم الآلام الشديدة التي كان يعاني منها بسبب مرضه العضال ,بقي قويّ الارادة ,راضيا” بما قدّر له ,حامدا” شاكرا” ومبتسما” دائما” في وجه كل من جاء ليزوره أو يسأل عنه,وكان يواسينا بدل أن نواسيه.

نعم لقد فقده الأخوة ,الأهل,الأقارب,الأتراب,الأنسباء والأصدقاء وكلّ من عرفه وحتّى الذين لم يعرفوه عن قرب وقد سمعوا عنه من الآخرين.

لكن هذه مشيئة الله ولا مرادّ لمشيئته ,فنم قرير العين يا أخي فأعمالك وذكراك الطيّبة هي عزاء الأهل وعزاءنا فيك . أرجو من الله أن يتغمدك برحمته ورضوانه وأن يسكنك فسيح جنّاته وأن يلهم زوجتك ,أبنائك وبناتك وكلّ الأخوة والأقارب وكلّ الذين عرفوك الصبر والسلوان .

انّا لله وانّا اليه راجعون.

 

 

 

أبو شادي ,نمر طريف

19.06.2017

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .