الوقفة الأولى… تنويه.
يعتقد بعض الكتّاب منّا والمراقبين والمحلّلين وبعضُ القراء، أنه وحتّى يكون الوقع المطلوب لما نتوخى إيصالَه من رسائل وعلى من نريد أن تصلَهم هذه الرسائل، أن نختار الكلمات والجمل “الفَخمة والزّخمة”. ففي سياقنا، ما لقطر العظمى ملجأَ العلماء المبعوثين والمفكّرين التنويريّين أعداءِ الطواغيت من الحكّام والروافض من الإرهابيّين، ما لها وللبقر؟!.
حريّ بنا أن نكتب مثلا عنوانا، بدلا عن “وقفات مع قطر والبقر”، “وقفات مع الهجمة على قطر والتي تحمل في طيّاتها أبعاد استراتيجيّة ستغيّر وجه المنطقة”. أفخم وأزخم لا ؟!.
ولكنّا نعيش في زمن قال فيه مرّة أحد الكتّاب: “زمن التّرَللّي”.
الوقفة الثانية… ولا تقل لهما أف ولا تنهرْهما وقل لهما قولا كريما.
يقول بعض الضالعين في متابعة أخبار “رافعي البنيان شرطا من أشراط القيامة”، أنه وعندما انقلب أبناء “آل ثاني” على والدهم قبل سنوات، مستغلين وجودَه للعلاج خارج البلاد، استاء وليُّ الأمر الأكبر العاقل ابن سعود انطلاقا من إيمانه العميق بقول الله ” ولا تقل لهما…”، فخطّط مع الوالد “المنهور” أن يطيحوا بالانقلابيّين، على أن ينزل الوالد بمطار قطرَ على متن طائرة مليئة بالرجال والسلاح، ويزحف رعايا الأخ الأكبر من أبناء العشيرة الضاربة حول الحدود المشتركة لتطهير الدوحة من رجس “الناهرين”.
كشفت ال-CIA المخطّط لأبناء ثاني وفشل، طبعا ليس “ببلاش”، وظلّ الوالد “المنهور” منفيّا، وبلع وليّ الأمر التفسير المؤوّل الآتي من “المفتي الأعلى” في واشنطن للآية الكريمة، وصارت قطر قسما من أقسام ال- CIA تحت مسمّى دولة، وصارت ملجأ الأحرار… أنا أصدّق أقوال الضالعين هؤلاء، ومن لا يريد أن يصدّق فهو حر !!!
الوقفة الثالثة… مع الرئيس بشار.
بُحّ صوت “الرّجل” وهو يقول ويكرّر: اتقوا الله يا عرب وكفّوا يد وفمَ هذا التجمّع “الدوحويّ” عنّا، وإن لم تفعلوا فنحن فاعلين عاجلا أو آجلا، ولكن اعلموا أن هذه اليدَ ستطالُكم يوما وستنقلب الشرنقة ليس على باريها وإنما على مربّيها كرمى لباريها، وإن غدًا لناظره قريب وسيأتيكم بالأخبار من لم تزوّدوا.
ولكن كيف لهم أن يقبلوا أو أن يقبل أحد من الرعايا الجائعين قولا من هذا “الباطنيّ” حليفِ “الروافض”، حتّى لو كان كلّ ما يقول صدقا؟!
غير أن السيفَ أثبت مرّة أخرى أنه أصدقُ أنباء من الكتب، وهذه المرة مكرها بطلا كان أخوك لا مكرها لا بطل، واهتزت أسوارُ عمورية وتخلخلت، وانهارت حجارتُها على الرؤوس، فطارت منها العقول، هذا إن كانت موجودة أصلا، فراحت تخبط خبط عشواء تنطح العجل والذيل منها بين الأرجل مهابةً من الثور.
الوقفة الرابعة… الله ستر من عذاب الندم.
عندما كنّا مبهورين ب- “الجزيرة” نتمنّى أن نعتلي شاشتها، قيّض لي الأمر وأكثر من مرّة، وفي إحداها عام 2001 كنت ضيفا عليها في الدوحة. لم أكن قبلا في حياتي ولا بعدا قد حظيت بقسم الVIP في الطيّارات إلا مرورا، وحقيقة أقول أنه هالني ما رأيت في الطيّارة وعند النزول منها والإقامة وعند الاقلاع، من بذخ.
في أوائل العام 2009 وكثيرا قبل “الربيع العربيّ” بدأت الشكوك تنتابُني حول الجزيرة ودورِها، وما لفت نظريّ بدءا، هو تلك السوداويّة التي كانت تصبغ بها الجزيرة ونجومُها كلّ ما هو عربيّ خارج “جنّات الخليج” الغنّاء، وحتّى “تتمّ الفرحة” دبّروا لي في أيار 2009 دعوة لمشاركة في “ندوة الدوحة حول الديموقراطيّة والتنمية والتجارة الحرّة” طبعا تحت رعاية أمير البلاد المفدّى حفظه الله.
ولأني جاهل في “ديموقراطيّة وتنمية وتجارة قطر الحرّة”، الله يعرف ومدبّرو وموصلو الدعوة يعرفون المكانَ المناسب الذي أودعته الدعوة، و-“القى إن كنت زلمة”…
اللهم لا ندم ولا ندامة!
الوقفة الخامسة… اعتذار من أهل دير الأسد.
دير الأسد بلد جارة لبلدي وتربطهما علاقة جيّدة تاريخيّا وحاضرا، ويُحكى أن أهل دير الأسد ومن بيوتهم العالية رأوا يوما بقرا يعيث في حقولهم فسادا، فثارت ثائرتهم وهبّوا عن بكرة أبيهم هجوما، وفي طريقهم المار من جارتهم البعنة “لا خلوا ولا بقوا” لأهلها متوعدين ألا يبقوا ثورا ولا بقرة ولا عجلا ولا عجلة إلا و-“سيلحّموها” على صدورهم.
وصل رأس القافلة الهاجمة الهائجة الحقولَ وإذ براعي عجّالهم “رايحة عليه نومة”، فصاح: “بقر الدير في زرع الدير”، ووصلت الصيحة البعنة فتنفست صدورُ أهلها الصعداء وقد ارتاحت من أن تكون مسلخا. وراحت صيحته مثلا يُضرب في شبيهاتها وليس بالضرورة أن يكون أبطال الشبيهة بقرا.
فعذرا أهل الدير أن سطونا على مثل، الحقوق فيه محفوظة لكم. وأتمنى أن توافقوني أنّي وفّقت في الاختيار وصفا ل-“هيزعة” الخليج بدلَ الكلام الزخم والفخم!!!
سعيد نفّاع
أواسط حزيران 2017