جاءنا اليوم من علي هيبي ان مع نهاية الاسبوع المنصرم جرت أمسية لم تشهدها مدينة طمرة من قبل، وفي أجواء من الفرح الحضاريّ والوطنيّ تمازجت مع أصوات الفنّ الراقي والعذب ومع الموسيقى الرائعة التي تنشد الحبّ والحريّة والحياة، غصّت قاعة الأوبرا في المدينة بما يزيد عن ألف من الحاضرين الذين توافدوا من طمرة والقرى والمدن المجاورة، جاءوا ليلتقوا مع مؤسّسة محمود درويش وجمعيّة “كاترين” للموسيقى من ترشيحا بقيادة الفنّان المايسترو د. تيسير حدّاد والفنّانة المتألّقة دومًا نور دراوشة من إكسال وأشعار محمود درويش الوطنيّة والإنسانيّة، كلّ ذلك من إنتاج وبمبادرة وتنظيم مؤسّسة محمود درويش للإبداع في كفر ياسيف ومديرها الكاتب عصام خوري وبالتعاون مع جمعيّة طمرة للمحبّة والمساواة ورئيسها الأخ أحمد حجازي.
ويشار إلى أنّ عددًا من أعضاء إدارة مؤسّسة محمود درويش قد شارك في الأمسية برز من بينهم رئيسها الكاتب أحمد درويش، إلى جانب عدد من أعضاء اتّحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيّين، برز من بينهم د. محمّد خليل ود. محمّد هيبي والشاعر علي هيبي والشاعر يزيد عوّاد، وكذلك شارك عضو الكنيست السابق الجبهويّ عصام مخّول ومدير معهد إميل توما في حيفا، وقد كان من المرتقب حضور وزير الثقافة في فلسطين الشاعر د. إيهاب بسيسو، ولكنّ تعذّر عليه الوصول والمشاركة بسبب إضراب الأسرى الفلسطينيّين عن الطعام وحملات التضامن العربيّ والأمميّ معهم.
وكانت الأمسية قد اُفتتحت بكلمة ترحيبيّة باسْم جمعيّة طمرة للمحبّة والمساواة، ألقتها عضو الجمعيّة الطالبة رهام مريح، وقد شكرت الحضور الغفير الذي حضر، ورحّبت بالضيوف من خارج طمرة وأشادت بالتعاون المبدع بين الجمعيّة وبين مؤسّسة محمود درويش الذي أنتج الكثير من الفعاليّات الثقافيّة والفنيّة الناجحة والمميّزة، وقد ذكرت أنّ هذه النشاطات تأتي ضمن مشروع طمراويّ كبير من أجل ترسيخ قيم المحبّة والعطاء للبلد وتعميق مفهوم المساواة بين الجميع عن طريق الحوار والتفاهم والمصلحة العليا لطمرة.
أمّا كلمة مؤسّسة محمود درويش فألقاها مديرها الكاتب عصام خوري، فرحّب بدوره وشكر الجمهور الكميّ والنوعيّ الذي جاء من طمرة والبلدات المجاورة، وقدم الاعتذار باسْم الوزير بسيسو، وأشاد بالتعاون البنّاء والمثمر بين المؤسّسة والجمعيّة الطمراويّة، والذي يؤتي ثماره على شكل فنيّ رائع وعلى مضمون تثقيفيّ كبير.
وكان المايسترو د. حدّاد قد افتتح القسم الفنيّ والموسيقيّ والغنائيّ بمعزوفة تنسجم وروح الأمسية الفنيّة، فقد امتزج عبق الشرق وآلاته من عود وقانون بسحر الغرب وآلاته من غيتار وكمان ليؤلّف ذلك أنغامًا متآلفة وسمفونيّة رائعة، ومن ثمّ رحّب بالحضور الذي غمر الأمسية بالبهجة والفرح وحيّا العازفين والمطربة، وحيّا مؤسّسة محمود درويش.
أمّا فقرة الغناء والتي امتدّت لأكثر من ساعة كاملة فقد كانت بطلتها ونجمتها المتألّقة نور درواشة، وقد ساندها في الغناء ثلاثة من الواعدين هم: جيانا هردل ومارتن عاصي وورد شوفاني.
وقد غنّت نور قصائد محمود درويش بصوت قويّ ورخيم وهي: “ونحن نحبّ الحياة” و “سأحلم” و “فكّر بغيرك” و “عرس الطفولة” و “أحنّ إلى خبز أمّي” و ” وختمت بالقصيدة الرائعة “سأصير يومًا ما أريد”، وهي من ألحان الفنّان اللبنانيّ مارسيل خليفة، وممّا يجدر ذكره أنّ مجموعة الثلاثة الواعدين قد غنّوا بشكل منفرد أغنيتيْن: “عصفور طلّ من الشبّاك” و “في البال أغنية”، وكذلك شارك الجمهور الغناء مع نور وبشكل أوركستراليّ جميل أغنية من كلمات الشاعر الفلسطينيّ سميح القاسم هي: “منتصب القامة أمشي” وأغنية من كلمات الشاعر الفلسطينيّ علي فودة هي “إنّي اخترتك يا وطني”. وجاء الذكر الطيّب للشاعريْن: القاسم وفودة وللفنّان خليفة احترامًا وتقديرًا لهم من مؤسّسة محمود درويش للإبداع. وأسدل ستار الأمسية على فرح وحبّ وحلم.