طمرة – لمراسل خاصّ: عقدت يوم الأربعاء الفائت، الموافق للخامس من نيسان مؤسّسة محمود درويش للإبداع والثقافة، ومقرّها في كفر ياسيف، وبالتعاون مع جمعيّة طمرة للمحبّة والمعرفة، عقدت ندوة سياسيّة، دار محور الحديث فيها حول حلّ الدولتين وفيما إذا ما زال ممكنًا وقائمًا. وقد بادر مدير المؤسّسة عصام خوري إلى إقامة هذه الندوة.
وقد شارك في الحوار الأخ محمّد بركة رئيس لجنة المتابعة العربيّة العليا والكاتب والإعلاميّ الفلسطينيّ نبيل عمرو والسيّد أبراهام بورغ رئيس الكنيست السابق، وقد أدار الندوة الإعلاميّ البارز جاكي خوري من راديو “الشمس”.
مع العلم أنّ الندوة كانت قد اُفتتحت بكلمة ترحيب بالحضور من ضيوف ومن أهالي طمرة، قدّمها بالنيابة عن جمعيّة طمرة للمحبّة والمساواة الأخ فاعور طه عضو إدارة الجمعيّة، وممّا يجدر ذكره أيضًا أنّ عددًا كبيرًا من أهالي طمرة ومن شخصيّاتها البارزة قد حضر الأمسية، وكذلك عدد من أعضاء مؤسّسة محمود درويش وعدد من أعضاء اتّحاد الكرمل الأدباء الفلسطينيّين. وتحدّث فاعور عن برامج الجمعيّة المستقبليّة وثمّن عاليًا هذه الفعاليّات الثقافيّة بالتعاون مع مؤسّسة محمود درويش ومديرها.
وكانت الكلمة الثانية بالنيابة عن المؤسّسة للكاتب عصام خوري فحيّا الجمهور الكبير وشكر الجمعيّة على تعاونها الدؤوب ونشاطها ورحّب بالضيوف من المتحاورين المشاركين بالندوة، وتطرّق إلى ضرورة نقل تجربة التعاون ما بين المؤسّسة والجمعيّة في طمرة إلى جمعيّات ومنتديات محليّة وقطريّة في قرى ومدن أخرى.
ويشار إلى أنّ الحوار والذي أداره الإعلاميّ خوري قد تركّز حول الموضوع السياسيّ والذي يتعلّق بحلّ الدولتيْن، وخاصّة بعد إعلان أوسلو قبل ما يزيد عن عشرين عامًا، وما كان له أسس قامت عليه وفقًا للظروف الموضوعيّة التي حتّمته، وملابسات حدوثه وتعثّره وعدم تطويره إلى اتّفاقيّة سلام بين الجانبيْن الفلسطينيّ والإسرائيليّ، ومسعى حكومات اليمين المتطرف، وبخاصّة الحكومة العنصريّة الحاليّة بقيادة نتنياهو من أجل التنكّر لهذا الإعلان.
وقد ركّز السيّد بركة على ضرورة العودة إلى النشاطات الشعبيّة التي تجمع أبناء الشعبيْن في الميدان لمواجهة سياسة هذه الحكومة، لإرغامها على الاعتراف الكامل بإقامة الدولة الفلسطينيّة إلى جانب إسرائيل، وقد أبرز بركة ثقل الجماهير العربيّة كقوّة ديمقراطيّة والتي تنتمي وطنيًّا وقوميًّا للشعب الفلسطينيّ والأمّة العربيّة وهي في آن واحد تمتلك المواطنة الإسرائيليّة، مشدّدًا على أنّ معركة السلام والمساواة مترابطتان عضويًّا، وأنّ إسرائيل لن تنعم بالسلام الحقيقيّ ما دام الشعب الفلسطينيّ لا ينعم فيه في دولته.
أمّا السيّد نبيل عمرو فقد تحدّث عن الفرصة التاريخيّة التي أضاعتها حكومات إسرائيل المتعاقبة بعد أوسلو، والتي رفضت اليد الممدودة للزعيم الفلسطينيّ ياسر عرفات بغصن الزيتون، وهي ترفض الآن مبادرات عربيّة وفلسطينيّة كثيرة، أبرزها مبادرة السلام العربيّة من سنة 2002. وقد ذكر أيضًا أنّ الطرف الفلسطينيّ يعمل في ظروف معقّدة وصعبة فلسطينيًّا من حالة الانقسام وعربيًّا من حالة التشرذم والإرهاب والتمزّق وضياع الرؤيا وعالميًّا من التحالفات الأمريكيّة المفروضة على العالم وفي ظلّ غياب المؤسّسات الأمميّة وضعف تأثيرها.
وقد تحدّث السيّد بورغ على ضرورة تقوية التّجاه نحو السلام لدى الشعبيْن، وتطرّق إلى أنّه من الممكن لهذه اليمين الإسرائيليّ المتطرف أن يقود المنطقة إلى كارثة يصعب الخروج منها، وذكر أنّه مع ذلك يتطلّب الوضع المأساويّ الراهن الوقوف بحزم وإرادة من أجل إسقاط هذه السياسة اليمينيّة والجنوح إلى مسار السلام الذي يضمن للجميع الأمن والاستقرار.
وقد خلص المتحاورون واللقاء عامّة إلى تقييم واحد حول المخاطر التي يمرّ بها حلّ الدولتيْن، ولكن شدّدوا على أن يبقى هو الحلّ المطروح دوليًّا وعربيًّا وفلسطينيًّا، لأنّه ما زال الحلّ الواقعيّ القابل للتطوير مستقبلًا، رغم كلّ الواقفين أمام نجاح تحقيقه، وعلى رأسهم حكومة إسرائيل الحاليّة المدعمة من الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
ومن الجدير ذكره أنّ الدكتور سهيل ذياب رئيس بلديّة طمرة قد شارك بالندوة وانضمّ إلى فريق المتحاورين، وأدلى بدلوه بما يخدم هدف الندوة، وقد انسجمت أقواله حول المستقبل السياسيّ في المنطقة مع خلاصة الندوة، التي تحتّم النضال من أجل إنجاز حلّ الدولتيْن.