تحل غدا الخميس الذكرى الـ41 ليوم الأرض الخالد، لكن الذكرى جاءت هذا العام في ظل تصاعد نسبة جرائم القتل ومحاولات القتل بشكل مخيف ومرعب، وتابعنا منذ بداية الأسبوع أخبارا مقلقة عن محاولات قتل احداها طعنا بالسكين لناشطة نسوية في بيتها وعلى مرأى من شقيقها، توفت بعد يومين. محاولات قتل في أم الفحم بالعيارات النارية، طالت إحداها (الثلاثاء الماضي) الدكتور زياد محاميد، الطبيب والكاتب والشاعر والناشط السياسي المعروف، ولو عن طريق الخطأ، واطلاق نار آخر بل عدة حالات اطلاق نار شهدتها وتشهدها جسر الزرقاء، وحادث آخر في النقب أصيب فيه شاب ويوم السبت الأخير قتل شابان في الناصرة. مسلسل لا ينتهي من اطلاق النار وأعمال القتل.. الى جانب ما يردنا من أخبار عن ضحايا لحوادث طرق وهو من الفجائع الذي وقع في رومانيا (فجر الثلاثاء الماضي أيضا.. يا له من ثلاثاء أسود) قتل فيه طالبان عربيان وأصيب آخرون أحدهم اصابته خطيرة ممن يدرسون في رومانيا، أضف اليها حوادث الطرق شبه اليومية في بلادنا وجل ضحاياها من أبناء شعبنا.. وهم آخر يلاحقنا تلك الهجمة الشرسة لمرض السرطان الذي يقصف أعمار أناس أحباء الى قلوبنا وخاصة بأعمار الورد والنضوج، تخسرهم عائلاتهم برمشة عين دون أن يتمكن أحد من انجاز أي خطوة تساعد على انقاذ الروح، فالأطباء يقفون عاجزون أمام هذا المرض الخبيث فما بالك بالناس العاديين..
في ظل كل تلك الهموم والأحزان ومشاعر القلق والاضطراب، تأتي ذكرى يوم الأرض العزيز على قلوبنا وخاصة لدى من عايش أحداث ذلك اليوم وما سبقه من خطوات تحضيرية واستعدادات وشد الهمم نحو التحدي والتصدي للمخططات السلطوية، يوم كانت الروح الوطنية وثابة تجرف الناس ولا تترك أحدا يتخلف، تأتي ذكرى يوم الأرض ونحن نتحسر على ذلك العهد ونذكره بأسى ونحن الى أجوائه المثيرة. فهل تغيرت المخططات أم أن عقليتنا ما تغيرت؟ وهل بقي شعب يحتفل بيوم الأرض وما زلنا نمارس ذات الأساليب الاحتفالية منذ أربعة عقود؟ لماذا لا يتم التجديد والتغيير والابتكار، طالما تساءل الكثيرون وضاعت تساؤلاتهم في فضاء الخلافات العقائدية والنقاشات المقولبة في الاجتماعات.
هناك من قدم اقتراحات عملية للخروج من التكرار والاعادة الى حد الملل، مثل الشعارات التي نسمعها منذ أربعين عاما وكأن شيئا لم يتحرك! وذكرنا الأسبوع الماضي الأديب الصديق محمد علي سعيد، باقتراح يقول أنه قدمه منذ سنوات، يقترح فيه اعلان يوم الأرض عيدا وطنيا جامعا لشعبنا على تعدد انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعقائدية، عيد يوحدنا ويجمعنا كشعب، عيد كنا اجترحناه بدماء شهدائنا وجرحانا ونضالات أجيالنا، لكن أحدا لم يبحث هذا المقترح أو يناقشه. وهنا أضيف وأناشد لجنة المتابعة العليا أن تعقد اجتماعا خاصا أو تطرح في أحد اجتماعاتها بعد يوم الأرض، كل المقترحات حول الموضوع وتبحثها بهدوء وروية وتتفق على رؤية واحدة وتنطلق نحو ترسيخ يوم الأرض كيوم من أيامنا المجيدة، اليوم المركزي الذي حمل عدة رسائل وما زال مميزا عن غيره من أيامنا النضالية، اليوم الذي وحدنا وصهرنا في بوتقة واحدة، اليوم الذي لا يختلف عليه اثنان، فهيا نعيد ليوم الأرض هيبته ومكانته.
(شفاعمرو/ الجليل)