يقدم طلاب المعهد العربي للمسرح والتمثيل في هذه الأيام وجبة مسرحية دسمة، وهي عبارة عن مسرحية تراجيدية للشاعر والمسرحي الاسباني فيدريكو غارسيا لوركا، والتي كتبها عام 1932. ويشارك في التمثيل مجموعة من طلاب المعهد من السنوات الأولى والثانية والثالثة وهم: عبير عثمان، الاء محمد، كارم كنعان، ندى ذياب، ليالي أبو ليل، علا قسيس، تونا أبو شحادة، احمد مداح، دعاء زيداني، امير بدريه، امير يعقوب، مهند طه، يارا شلش، والممثل الضيف حسن طه.
ترجمة واعداد وإخراج: صالح عزام، تصميم ملابس: أنغام خليل، ديكور واختيار موسيقى: صالح عزام، اضاءة وفيديو وتنفيذ ديكور: EyAs– Stage &Video Design يشار إلى ان طلاب المعهد العربي للمسرح والتمثيل في الكلية، اشتركوا بتمثيل مسرحيتين لاقوا نجاح كبير واستحسان من قبل الجمهور ووسائل الاعلام. مسرحية “الحرق العربي” الذي اشتركت في مهرجان نفي يوسف للمسرح الجماهيري وعرضت أيضا في حيفا والناصرة وعسفيا وهضبة الجولان، ومسرحية “دموع لا يراها العالم” التي عرضت في مسرح بيت الكرمة في حيفا.
اللعب الممتع
رغم كل الملاحظات التي يمكن أن تقال عن طلاب المسرح، والذين ما زالوا غير محترفين، إلا انني شعرت أثناء العرض بأنني موجود في عرس مسرحي، ضم العديد من العناصر المسرحية الممتعة، فقد فرحت لفرحهم وحزنت لحزنهم، واستطاعوا أن يجعلوني أعيش القصة بحذافيرها، وكان ما يحدث على الخشبة هو أمر حقيقي. كنت معظم الوقت أنسى بأن الأمر هو مجرّد تمثيل.
العملية الاخراجية، جعلت من الأمر لعبة مشوّقة، كنت أنظر إلى ما يحدث مستمتعا، مثل الرجل الذي ينظر إلى مجموعة أطفال يلعبون بمرح، ويحسدهم على ذلك، متمنيا مشاركتهم باللعب.
الأمر الوحيد الذي كان يعيدني لواقع المسرح هو التخبط باللغة بين الفصحى والعامية، مما صعّب فهم هوية المسرحية، فلو اختار المعد لهجة دون غيرها، كان سيسهل على المتلقي الهضم، فقد كانت بعض الكلمات تعلق بين الأسنان غير قابلة للمضغ، وكان علي أن أبتلعها كما هي.
حكاية كل البشر وكل الازمان!
تعتبر “عرس الدم” من اهم المسرحيات التي كتبت بالقرن العشرين. وكتبها لوركا على أثر خبر قرأه بالجريدة: “هذه الليلة لقيا حتفهم شابان. وكان القتل جراء ملاحقة العريس لعروسته، التي هربت مع خطيبها السابق اثناء زفافها. حادث قتل اخر ينضم لدوامة سفك الدماء” (اندلسيا، 1929).
المسرحية تحكي قصة عروس وعشيقها، ليوناردو، اللذان يعشقان بعضهما عشقا بلا حدود ولكنه عشق لن يتحقق ابدا: ليوناردو متزوج من ابنة عم العروس، وهي تتجهز للزواج من رجل آخر. وهذا الآخر ينتمي لعائلة كل أبنائها قتلوا على يد أبناء عائلة ليوناردو. عشق الصبا الذي عشعش في قلب ليوناردو والعروس ينقلب لموجة عارمة تقتحم حياتهم وتزعزع قوانين المجتمع. العروس ومن اجل تحقيق رغبتها، تختار ان تهرب مع ليوناردو في ليلة زفافها، وعائلة عريسها المهان تقرر في الحال ملاحقتها بطلب ازالة العار الذي لحق به. هذه المطاردة الشرسة والقاسية تمنعهم من تحقيق رغباتهم وتوصلهم الى قدرهم المحتوم.
“الدم الذي يرى النور تشربه الأرض”
مع ان لوركا يمزج بمسرحية “عرس الدم” شاعريته القصوى مع التراث والفولكلور الاندلسي الاسباني، تبقى “عرس الدم” حكاية كل البشر وكل الازمان. فهي صراع بين الحب كقوة مسيطرة فرضتها الطبيعة، وتعاليم الحياة التي تفرضها التقاليد. هذا الصراع ذات طبيعة عالمية، وليس موجود هناك… هنا! وانما في جميع انحاء المعمورة، ومن هنا تحقق لهذا العمل نجاح في شتى انحاء العالم وفي مختلف لغات العالم لجماله ولقوته وربما أيضا لبساطته وشاعريته.
عن المعهد
المعهد العربي للمسرح والتمثيل هو المعهد الأوّل والوحيد الذي يمنح طلابه تعليمًا في تمثيل المسرح باللغة العربيّة. ومن أجل إعطاء الزخم الأكاديميّ يعمل المعهد العربيّ للمسرح والتمثيل في إطار الكليّة الأكاديميّة العربيّة للتربية في حيفا. يتلقّى الطلبة تعليمًا مكثّفًا في مجال التمثيل المسرحيّ على أيدي طاقم معلّمين ناطقين باللغة العربيّة ومؤهّلين عمليًّا في جميع المجالات ذات الصلة. يطبّق المعهد مناهج مختلفة تشمل التدريب المكثّف على التمثيل والحركة والايماء وتطوير الصوت والمنطق والتمثيل أمام الكاميرا والرقص. إشراك الطلبة بعرض مسرحي متكامل، يضعهم على أبواب الاحتراف وبتماس مباشر مع الفنيّين والعاملين في المسرح. وإلى جانب التطبيق العمليّ، يتلقّى الطلبة دروسًا نظريّة مثل تحليل النصوص وتاريخ المسرح واللغة العربيّة، وتحليل المسرحيّات والدراسات الثقافيّةّ.
يستمرّ التعليم في المعهد ثلاث سنوات، يتعلّم الطالب 20 ساعة أسبوعيّة خلال كلّ سنة دراسيّة، وفي نهاية الدراسة يحصل الطالب على شهادة إنهاء تعليم مسرح وتمثيل من الكليّة الأكاديميّة العربيّة للتربية في إسرائيل – حيفا.