نظمت ادارة مركز الشبيبة ” نعوريم حرفيش – معسيه” وبرعاية المجلس القرية المحلي مساء يوم امس السبت، أمسية ثقافية في قاعة المركز الثقافي بالقرية تحت عنوان ” حاكوها عربي” وذلك بحضور كبير من اهالي القرية رجالا ونساءً وشبيبة وبمشاركة كل من مفيد مرعي رئيس المجلس المحلي وعزات حلبي مدير برامج الشبيبة في الوسط الدرزي “نوعوريم”، وخلود بريك مديرة مركز الشبيبة ” نعوريم” في حرفيش وصاحبة فكرة المشروع، والمحاضر والباحث البروفيسور قيس فرو والأدباء نمر نمر، أمين خير الدين، صالح فارس ، تركي عامر، فيما تولى عرافة الأمسية روعة مرعي ويوسف بريك.
اولى المتحدثين كانت خلود بريك مديرة مركز الشبيبة “نعوريم” في حرفيش والتي القت كلمة مقتضبة قالت فيها:” توليت ادارة مركز الشبيبة للسنة الثالثة على التوالي، واتواجد بمنصبي رغم اختلافه عن تخصصي الاكاديمي لأني اشعر ان لدي القدرة والطاقة للعمل بمجال التعليم غير المنهجي وقادرة على العطاء لمجتمعي ولمجموعات الشبيبة في بلدتنا، ولدي ايمان عميق وقناعة انه من اجل ان نرتقي يجب ان نبحث في داخلنا عن كل ما يساعد على تنمية روح العطاء في مجتمعنا، واستشهدت بمقولة إدوارد سعيد:” الهوية هي مسألة ابتكار اكثر مما هي مسألة وراثة”.
وأضافت بريك: “فكرة مشروع “احكوها عربي” عبارة عن إيمان عميق بأهمية اللغة، بأهميتها كهوية جماعية لنا كعرب دروز نعيش بوطننا وعلى ارضنا، ومتواجدون بعصر العولمة والالكترونيات وتحت ضغط فكري وأيديولوجي، ولهذا نظمنا هذا الشهر حلقات حوارية اسبوعية ومشاريع مع الطلاب تتعلق بلغتنا العربية كهوية ووزعنا لافتات بالقاعة وبشوارع البلد التي تدعو اليقظة والانتباه والتحدث بالعربية لأنها لغتنا الأم ولا يجوز التنازل عنها وقمنا بتوزيع قاموس على الحضور في بداية الامسية هو ثمرة لقاءات طلابية مع كبار في السن من ابناء القرية في خطوة للتواصل مع التراث والفلكلور والجذور وعرضنا اكثر الكلمات العربية التي يتم استخدامها بشكل يومي لنتحدث بها باللغة العربية الصحيحة وليس بكلمات عبرية او لغات أخرى”.
واشارت خلود الى التواصل مع البروفيسور قيس فرو في سبيل اخراج هذه الفكرة الى حيز الوجود والتي ما كانت ستنجح لولا دعمه وتوجيهاته الكريمة فالشكر الجزيل له ولجميع ادباء حرفيش، وللحضور المشارك في الامسية ولطاقم المركز والشبيبة.
رئيس المجلس المحلي مفيد مرعي ثمن الجهد الكبير الذي بذلته خلود بريك وشبيبة نعوريم لإخراج هذه الامسية الى حيز الوجود واشار في كلمته الى اهمية التحدث باللغة العربية والمحافظة عليها في ظل ما تتعرض له من اندماج بلغات اخرى، و”يهمنا ان نبقي على اللغة العربية تميزها كونها المخزون اللغوي في القرى العربية الدرزية مع الاهتمام ان يجيد كل مواطن عربي اللغات الاخرى مثل العبرية والانجليزية وخاصة للتحدث مع الآخر من الشعوب التي تعيش معنا ونختلط بها “.
الاستاذ نمر نمر تطرق الى التسميات التي اطلقها الآباء والأجداد على العديد من الحارات والأحياء في حرفيش وهي اسماء عربية ومن بينها مفردات عربية فصيحة ما يؤكد الاعتزاز باللغة العربية والتراث العربي الأصيل، وذكر عدد من تلك الاسماء والتي تزيد عن 300 موقع ومنها، “الدريج”، “بريكة علي”، “خلة زبيدة”، ” قلعة الراهب” وغيرها من الأسماء.
اما الكاتب أمين خير الدين فقال في كلمته: “لغتنا العربية تقتل عندما يتحدث بها أطفالنا شبابنا وربات البيوت بحيث تدخل فيها مفردات غريبة عجيبة من لغات اخرى، وحتى المعلمين يتحدثون مع طلابهم بلغة عربية غير صحيحة ناهيك عن سلطاتنا العربية والتي يرد فيها الهاتف الآلي اما بالعبرية والانجليزية او الروسية والأصعب اعلاناتنا التجارية الخالية من لغة الجمهور الموجه له الاعلان، وهو عدم احترام الجمهور، كون انه من بديهيات اللياقة المخاطبة بلغته، فإن المثقف العربي الذي لا يجيد لغة الام ادبا واملاءً انما ينقصه الانتماء ويعرض وجوده للخطر”.
في حين اشاد الشاعر صالح فارس:” لغتنا لغة الفصاحة ولغة الام هي لغة الضاد ولغة الأجداد واللغة التي أنزل بها القرآن الكريم، وفيها الاعجاز اللغوي “إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون”، فلغتنا اجمل لغات العالم، واغنى لغات العالم، يقال انه تحتوي على 15 مليون كلمة، وهي افصح لغات العالم، وما يؤلمني أن نشوه جمالها وفصاحتها بلغات اقل منها جمالا وافقر منها ثروة واجهل منها فصاحة ولماذا الخلط والمزج وادخال الغريب اليس هذا عيبا ضعفا فينا”.
الشاعر تركي عامر قال:” اللغة هي سر بقائنا، وقال محمود درويش الارض تورث اللغة، واللغة ايضا تورث كالأرض، نحن من نورث اللغة لأجيالنا القادمة، وألقى قصيدة بعنوان بالأمس كتبت وصية كانت رائعة وطلب الجمهور اعادتها أكثر من مرة.
أما المحاضرة المركزية فكانت للبروفيسور قيس فرو تطرق الى معاني اللغة واهمية العربية للمواطن العربي كون أن اللغة هي التي تبلور فكرنا، والتفكير عندما يتم التعبير عنه باللغة فهو يعبر عن شخصية الانسان وهناك علاقة بين اللغة والهوية، وتعبر عن سلوكه، ومصطلح الهوية الجماعية هو متخيل، واللغة هي العامل الاساسي في انتاج الثقافة العليا التي تؤثر على الهويات الحديثة، والدروز الذين يهجرون لغتهم يفقدون هويتهم بغض النظر عن المواقف السياسية، ومن يفقد هويته لا يفقد عروبته فقط بل ويفقد درزيته، وهناك علاقة قوية بين الهوية واللغة”.
وأضاف قيس فرو:” في عام 1948 كان اقتراحات بإلغاء اللغة العربية وكانت هناك جلسات لإقرارها لكنها فشلت، وعام 1975 انفصل التعليم الدرزي عن التعليم العربي ، وكانت اهداف ذلك من خلال الارشيفات تعزيز الهوية الدرزية المنفصلة، وحدث ابتعاد عن اللغة العربية وعندها خسرنا الاثنتين اللغة العربية والهوية الدرزية ونحن اليوم نعاني من ازمة الهوية، ولا يجوز ان نساير احد بقضية الهوية الجماعية لأنها مبنية على اسس متينة لا يجوز المساومة عليها، لأنها قضية خطيرة “.
هذا وتخلل الأمسية مداخلات نثرية لطلاب المركز، نورهان عبدالحق، مفيد عامر، ملك بدر، عدن قاضي، لين عبدالحق، ولاء بدر، لينا شنان بحيث قدموا ابداعات وخواطر فيما اختتمت الأمسية، بدبكة شعبية لطالبات فرقة الدبكة، اللواتي ابدعن الأداء المتميز بإشراف المدرب علي بكري.