مع كتاب ” نبضات ضمير ” لعدلة شدّاد خشيبون بقلم : الدكتور منير توما / كفرياسيف

 

1

كانت الأخت عدلة شدّاد خشيبون قد أصدرت قبل مدة كتاباً يتناول خواطر وأفكار متنوعة من الحياة عامة ً ومما يعتمل في ذاتها من مشاعر وآراء ومعلومات فيها تصوّرات من الواقع والخيال  لمجمل العديد من الرؤى اليومية إنسانياً واجتماعياً وروحياً . ولقد قامت الأخت عدلة مشكورة بتقديم نسخة من هذا الكتاب كإهداء منها لي متمنّية عليَّ منذ زمن ٍ طويل وفي هذه الأيام أيضاً أن أُبدي رأياً في مضمون الكتاب من خلال كتابة تعليق أو تعقيب على ما ورد فيه ِ من المحتويات . فتلبية ً لإلحاحها ورغبتها في ذلك , فقد اطّلعتً على ما جاء في الكتاب , ولمستُ فيه بشكل واضح نزعة الكاتبة الإنسانية التي تنمّ عن مشاعر نقيّة صافية تتّسم بروح المحبة والتسامح تنبع من احترامها وإيمانها بالرسالات السماوية الروحية من حيث كون الإنسان مركزاً في هذه الخليقة التي أنعم الله بها على البشر . ويبدو في خواطر وأفكار الكتاب التي جادت بها الكاتبة أنّ الأخت عدلة تنهل الكثير من الآراء الإنسانية من تأثّرها بتعاليم المسيح نحو كرامة الإنسان وتعاطفه مع الفقراء والمستضعفين في الأرض , فهي توظّف عقائدها الإلهية والإنسانية في التعبير عن الحنين والشوق الى الحرية الحياتية المنضبطة مستخدمة ً في كتابتها أسلوباً لغوياً فيه المجاز والاستعارات والمحسنات اللفظية مما يضفي على مضمون الكتاب نفحات أدبية لافتة لا سيما وأنَ نثر الكاتبة في هذا الكتاب يمتاز بالسلاسة والانسيابية والسهولة وإن بدا في بعضهِ الميل الى التنميق أو التأنق الذي لا ينتقص من القيمة الأدبية للكتاب .

ومن الملاحظ أنَّ الكاتبة تعمّدت الى تبيان ما يختلج في نفسها من أحاسيس يعتريها مزيج من التفاؤل والتشاؤم تجاه هذه الحياة وما فيها من تقلّبات وتغيّرات وتناقضات عبّرت عنها الكاتبة بصور ٍ فنيّة واضحة خالية من التعقيد الفكري إلّا أنها تلامس واقعاً يشعرها بشيء من الإغتراب متجهة ً في كثير من الأحيان الى الرمزية في التعبير عن خلجات النفس ولواعج القلب مما يخصّ العلاقات البشرية في هذا المجتمع من انقلاب المعايير والموازين وتشويه القيم والمثل العليا في حالاتٍ كثيرة , ومن هنا نرى أنَّ الكاتبة تعزف سيمفونية فكرية عاطفية تنطلق من ضمير يأتلف مع إنسانية راقية , ويتماهى مع الأخلاق الكريمة والخصال النبيلة المعبِّرة عن صفاء الضمير وسلام النفس والروح .

ومما يسترعي الانتباه في هذا الكتاب تلك الجماليات العاطفية الإنسانية الوجدانية التي يمتزج فيها العقل والقلب والضمير لتشكّل هذه العناصر مثلّثاً أضلاعه قد رسمت بريشة المحبة الغامرة التي توحي بها كلمات الكتاب في نواح ٍ عديدة , وكأني بالكاتبة تريد أن تخاطب جمهور القرّاء والمتلقين قائلةً : ” أحبوا بضمير وتعاملوا بنقاء قلب ” , وهذا يجعلنا نستذكر قول السيد المسيح في غطته على الجبل : ” طوبى لأنقياء القلوب لأنهم يعاينون الله ” .

لقد لجأت الكاتبة في بعض المواضع الى الإتيان بشذرات أو لمسات فلسفية محمية , ولكن من الجدير أن ننوّه هنا الى أنَّ مواد الكتاب كانت بحاجة الى التناسق والتساوق بالموضوعات المتنوعة من حيث الترتيب في طرح الأفكار , والابتعاد عن التداخل الإيحائي دون وحدة موضوعية في المحتوى الفرعي للموضوع . ومع هذا , فإنَّ الكاتبة قد عبّرت عمّا يجيش في صدرها , ويجول في فكرها من وجدانيات جميلة تعنى باستقامة الضمير بان تكون نبضاته  حافلة بمشاعر الهم الإنساني والسمو نحو الكمال بالقدر الممكن لأنَّ الله الخالق يدعونا الى السعي نحو الكمال لأنه كامل وهذا لا يتأتى إلّا اذا توفّر الضمير الحيّ النقي في الإنسان على شتّى الصُّعُد وفي مختلف الميادين .

وختاماً, نتقدم الى الأخت الكاتبة عدلة شداد خشيبون بخالص المودة والاحترام مع أطيب التمنيات بالتوفيق الدائم , والعطاء المستمر .

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .