في خطوةٍ مهمة جدًا لعددٍ من الأطراف الحكوميّة والمؤسساتيّة وأصحاب الأراض من العرب، من المُقرر أن تناقش المحكمة العليا يوم الثلاثاء القريب، 7.2.17 الساعة 9:00 صباحًا، قانون التنظيم والبناء والذي يخوّل المجالس المحلية مصادرة 40% من أراضٍ خاصة لمشاريع جماهيرية، مثل فتح شارع، دون أن تدفع التعويض للمتضررين من أصحاب الأرض المُصادرة بإدعاء أنهم سيستفيدون من الامتيازات التي تمنحها المشاريع التي بسببها تمت مُصادرة الأرض.
ويأتي النقاش في أعقاب توجه قام به مجموعة من أصحاب الأراضي في نحف بعد أن قامت بلدية كرمئيل عام 1997 بمصادرة حتى 40% من قسائم أرضهم بهدف بناء شارع التفافي للمنطقة الصناعية “ج” في المدينة، حيث تقدم المتضررون بدعوى للمحكمة مطالبين الزام بلدية كرمئيل مصادرة الأرض كاملة ودفع تعويض كامل لهم على المُصادرة بحجة أنّ الأرض التي تمت مصادرتها لشق هذا الشارع بصورة فعليّة كانت أكثر من 40%، وأنّ المصادرة أدت إلى فقدان قيمة بقية الأرض المتبقية، أي الـ 60%، حيث تحولت إلى أطرافٍ محيطة بالشارع المذكور دون أن يكون لها أي أهمية مستقبيلة، لا عمرانية ولا زراعيّة.
واعتمد المتوجهون على نص قانون التنظيم والبناء والذي يوضح أنّ للمجالس المحليّة حق في مصادرة حتى 40% من أرض بملكية خاصة لصالح مشاريع جماهيرية يستفيد منها المُتضرر من المُصادرة دون تعويض يذكر للمُتضرر شرط ألا تمس هذه المصادرة بقيمة ما تبقى من الأرض وأهميتها في مشاريع متنوعة (بند 190 أ.1 من قانون التخطيط والبناء 1965، الدفاع عن ما تبقى من الأرض).
وأوضح المتوجهون في دعوتهم الأولى أنّ الشارع الالتفافي لم يخدم أهل نحف بالمرة، فقد خدم أهالي كرمئيل فقط، كما وأنّ هذه المُصادرة مست بشكل كبير بما تبقى من الأرض.
وقبلت المحكمة المركزية إدعاء المتضريين، حيث حكمت بالتعويض على مساحة كل الأرض التي صودرت والتي لم تصادر، رغم رفض بلدية كرمئيل ولجان التخطيط والبناء هذا الحكم بحجة أنّ الدعوى جاءت بعد عدة سنوات مما يسقطها بسبب التقادم، حيث من المُفترض أن تقدم دعوى ضرر في هذه الحالة خلال 3 سنوات أو 7 سنوات كأقصى حد وفق تعديل لاحق للموضوع.
وأوضحت قاضية المحكمة المركزية في حينه أنّه في حالتنا هذه لا يوجد للتقادم في تقديم الدعوى أي أهميّة نظرًا وأنّ المتضررين، وهم ورثة أصحاب الأرض الأصليين، لم يعرفوا بالمصادرة من قبل لجنة التخطيط والبناء وبلدية كرمئيل، وفقط عندما قاموا بمسألة حصر الإرث اطلعوا على هذه التغييرات، أي بعد 12 عامًا من المصادرة.
وفي أعقاب هذا القرار المهم للمحكمة المركزية، سواءً فيما يتعلق بمسألة التقادم أو التعويض على بقية الأرض – وفق ما يقتضيه البند 190 أ.1 من قانون التخطيط والبناء-، توجهت بلدية كرمئيل ولجنة التخطيط والبناء باستئناف للمحكمةِ العليا التي ثبتت قرار المركزية فيما يتعلق بمسألة التقادم إلا أنها أوضحت أنّ هنالك حاجة خاصة لنقاش مسألة مصادرة 40% من أرض بملكية خاصة دون تعويض صاحبها لمشاريع قد لا تخدم المتضرر، الأمر الذي يستدعي سماع مواقف أطراف مختلفة من الموضوع منها المستشار القضائي للحكومة وايضًا الحكم المحلي.
وأقر قضاة العليا أنّ هذا النقاش مبدئي ويحتاج إلى تركيبة أوسع من القضاة نظرًا وأنه يتجاوز نص القانون الحاليّ، الذي يلزم السلطة المحلية مصادرة أرض كاملة حال حدث لقيمتها ضرر جراء مصادرة الـ 40%، مما قد يحوّل القرار المُزمع إصداره يوم الثلاثاء إلى سابقة تتعلق بمصادرة الأراضي وصلاحيات السلطات المحليّة.
يُشار إلى أنّ المستشار القضائيّ للحكومة وسلطة الحكم المحلي قدما اعتراضات نقاش مسألة مصادرة الـ 40% من الأراضي بإدعاء أنّ قرار في هذا السياق قد يمس بمدخول وصلاحيات السلطات المحليّة وأنّ على المحكمة العليا إبقاء الوضع كما هو عليه ونقاش بند 190 أ.1 من قانون التنظيم والبناء في هذه الحالة العينيّة.
وفي تعقيبٍ له، قال المحامي عنان بلان، الذي يمثل عدد من المتضررين إلى جانب المحامي خالد دغش: القرار سيعد سابقة لأنه المحكمة العليا ستناقش مسألة تتجاوز النص القانوني، وهي لماذا أصلا هنالك حاجة إلى مصادرة 40% من أرض بملكية خاصة لصالح مشاريع جماهيرية علمًا أنّ هذه المشاريع قد لا يُستفاد منها.
وأوضح المحامي بلان: من المهم الإِشارة إلى أنّ قرار المحكمة العليا متأثر بشكل كبير من توصيات لجنة اريدور عام 2006 (برئاسة وزير المالية السابق يورام اريدور) والتي خلصت إلى مسألة تقييد الدولة في مسألة مصادرة حتى 25% من أراضي بملكية خاصة، من قبل مديرية اراضي إسرائيل، لصالح الجمهور ومشاريع جماهيرية، حيث وفق النظام الإسرائيلي هنالك جهتين مخولتين بالمصادرة وهي السلطات المحليّة ووزارة الماليّة (مديرية اراضي إسرائيل) ففيما يحق للأولى مصادرة حتى 40% من الأرض الثانية مخولة بمصادرة حتى 25% من الأرض دون دفع أي تعويض.
وعن احتمالية تسجيل سابقة في الموضوع قال المحامي دغش بدوره: من السابق لأوانه التحدث عن إنجاز وسابقة، سبق وأن سجلنا إنجازًا بهذا الملف بعد أن تخطينا مسألة التقادم وقمنا بتحصيل التعويض للمتضررين. انضمام كل من سلطة الحكم المحلي والمستشار القضائي للنقاش في الملف له ابعاد كبيرة، لربما لن يتم الغاء مسألة مصادرة الـ 40% من الأرض دون تقديم تعويض للمتضررين، لكن نأمل أن يتم تقييدها بالمقابل بشكل قد يمنع المصادرات التعسفيّة التي تقوم بها السلطات المحليّة، وهو بالتالي قرار مشابه للتوصيات التي خلصت لها لجنة اريدور.