قرية ُالورودِ وَمِظَلّةُ سلامِها / نمر نمر

 

للسنة السادسة عشرة على التّوالي , كَهَنَةُ قرية الورود/كفار فرديم/ومجموعة من أبناء طائفتهم العبريّة المُنفتحة على الآخر,دون تزمّت أو تقوقع وانغلاق غيبي  لفتاوى ظلاميّة, كفتاوى حكماء صهيون,يُقيمون مظلّة السلام المشتركة مع القرى العربيّة المجاورة,اللهم ما عدا سنة واحدة,هي سنة 2006  ,بُعَيْدَ الحرب العدوانيّة على لبنان,المبادر الأوّل كان الكاهن التّقدّمي: تْصفي بيرجر( نرجو له الشّفاء العاجل من مرضه) ,تلاهُ الكاهن : آبي ( إبراهيم) نوبس لبضع سنوات,  وهو ناشط اجتماعي بين اليهود والعرب,في هذه السّنة نُقِل آبي ,لِتَحِلَّ محلّهُ كاهنة جديدة : الرّابة : نَتالي ليسْتِرْجَر,ليست زوجة راب! بل هي الكاهنة لهذه الجالية التي تُطلق على نفسها: المجموعة الأُسَرِيّة التّقليديّة/ هَمِنْيان هَمِشفَحْتِي هَمَسورَتي/,هذه الكاهنة تَحَدّتْ ,تَصَدّت, واجَهَتْ وقاومتْ / بلا عُنف/المؤسّسة الدّينيّة اليهوديّة المتسلّطة,سيّان أكان الأمر على اليهود الشّرقيّين أو الغربيّين,لها مفاهيمها ,قِيمها  ومعتقداتها الّدّينيّة الخاصّة,في عقد زواجها المدني اشترطتْ على زوجها: اذا حدث طلاق بينهما! فَلَن يكون في المحكمة الدّينيّة/رَبَّنوت/,بل أمام محامٍ, وهذا ما حدث فعلاً,قامت قائمة الرّبّنوت ولم تقعد ! فاستصدروا أمر إيقاف بحقّها! لكنّها مَضَتْ متحدّيةً لا تُبالي,إنّها تدعو للانفتاح,الثّورة على العادات والتّقاليد البالية لِلّحاق بالمد الحضاري العلمي, مع المحافظة على الأُسُس القيميّة للدّين الذي يمكنه الانسجام مع كافّة الدّيانات الأخرى ,هي فرنسيّة الأصل,بلد الثّورات كما تقول: جان دارك ,جان جاك روسو,فولتير,سيمون دي بوفوار وجان بول سارتر ,تريد أن تحدث ثورة دينية إصلاحيّة, ثقتها بنفسها قويّة ,تتحدّى وتتصدّى المؤسّسة الدينبة وتقاليدها, في البلاد حاولوا عَبْرَنة اسمها الفرنسي الذي يرتبط بعيد الميلاد المجيد المسيحي, نتالي اختصار للكلمات: وُلِدَ المسيح في التّاسع من كانون,ذكّرناها بأغنية نتالي للفنان السوري :حسام تحسين بك,أعْجِبَتْ بالفكرة,الأغنية والّلحن الغربي,  والمصادفة الجميلة,كلّ صدفة خير من ألف ميعاد.

*هذه الكاهنة/ الرّابة /زارتني في بيتي عشيّة عيد المظلّة  ,رافقها الراّب آبي نوبس,الاثنان من نفس المدرسة الانفتاحيّة العقلانيّة التي تهتم بالجذور دون القشور,تحاور وتجادل بالذي هو أحسن ,بعيداً عن الغيبيّات والسّلفيات وتكفير الآخر المختلف,كان حديث ودّي, أخوي,روحي وحضاري,حين قدّمت لهما قرينتي بعضَ واجبات الضّيافة العربيّة الأصيلة,بما في ذلك الزّاد الحلال,لم يتحفّظا أبداً !ولم يمانعا,بل مالَحانا,بكل ما تعني الكلمة!, وليس كما يفعل بعض المارقين التّكفيريّبن عندنا! أَسَرَّتْ الرّابة أن تخلع عباءة الكهنوت لدقائق ,كي تُساعد قرينتي في تنظيف المائدة  والأطباق في المطبخ ,والعودة بعدها للحوار الأخلاقي غير الغَيْبي, شعرت كأنها واحدة من أفراد الأسرة .

*في إحدى أمسيات العيد, كان عرض حيّ لمسرحيّة : نساء الجليل:قدّمته الفنّانتان:لميس عبد/فسوطة/ وزميلتها أيّيلِتْ بار-مئير,حيث قدّمتا صورة حقيقيّة عن واقعنا القروي المشترك,كما سبق ذلك دوري لعبة الشّطرنج للشبيبة من:فسّوطة, معليا,,كفار فرديم,ترشيحا,معلوت ونهريّة,وفقرة فكاهيّة ساخرة مع الفنّان محمد نعامة,فرقة دبكة فسّوطة, ,فقرة موسيقيّة لِ :مريم طوقان وَعيدو طوليدانو,ثم ألعاب , إبداع ومسرح,طبخ مشترك وزاد مشترَك من شبيبة : يانوح-جَثّ,كسرى-سميع, ترشيحا وقرية الورود, وكلمة ترحيبيّة من رئيس مجلس محلّي قرية الورود:سيفان يحيئيلي.

*في الأمسية الإختتاميّة لاحتفالات عيد المظلّة 22/10/2016 ,غَصَّتْ قاعة الكنيس بالجمهور الرّحب,صلاة دينبّة مشتركة للسلام الشّامل العادل, يهود وعرب من قرانا: يركا, يانوح,كسرى, البقيعة,ترشيحا, فسّوطة وحرفيش, عرض فِلِمٍ وثائقي :نساء ليبيريا,عن الظّلم,التّعَسُّف ,الاستعمار , القمع, الاغتصاب والمذابح الرّهيبة حتى الوصول للاستقلال,  بفضل صمود النّساء بالذّات! تلا ذلك مِنَصَّةٌ للحوار بين رجال الدّين عن مضامين السلام في الرّسالات السّماويّة بين الموجود والمنشود,تَزَمّتُ بعض رجال الدّين في الفتاوى الظّلاميّة ,تكفير الآخر المختلف,تَعَذّر حضور كاهن مسيحي,فجرى الحوار  الحضاري الذي تولّتْ عرافته:الرّابة نتالي, بين الكاهن آبي,الكاهنة دِكْلَة , الشّيخ سمير عاصي, إمام وخطيب جامع الجزّار في عكا, وكاتب هذه السّطور,جرى الحوار في أجواء وُدِّيّة تسامحيّة استناداً إلى المصادر والمراجع الأوّليّة,كلمة الشّيخ سمير عاصي قوبِلَتْ بالتّصفيق الحارّ,حيث عكست الصّورة الحقيثيّة للاسلام الصّحيح,المتسامح مع أهل الكتاب وأهل الذّمّة,والأحاديث النبويّة العَطِرّة ,بعيداً عن التّكفير ,التّهجير,الاغتصاب والقتل, كما يفعل رجال القاعدة وأسيادهم الغربيّون,والجوقة المحلّيّة ,لا في العير ولا في النّفير,ولا في العِشّ ولا طارَتْ,بل حارَتْ وَخارَتْ*كاتب هذه السّطور أصَرَّ أن تكون مُداخَلَتُهُ هي الأخيرة, طبقاُ للتدريج الزّمني  للديانات السماويّة الثّلاث,جمع الكتب الدّنيّة معاً:  العهدين القديم والحديث مع القرآن,في آيَتَيْن كريمتين : وَيُعَلِّمُهُ الكتابَ والحكمةَ والتّوراةَ والإنجيلَ….قُلْ يَأَهْلَ الكتاب تعالَوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم, ألاّ نَعْبُدَ إلاّ اللهَ, ولا نُشْرِكُ بِهِ شيئاً…,كما تطرّق إلى الأوضاع السياسيّة الرّاهنة,وحضور السّيّد أبي مازن,الرّئيس الفلسطيني جنازة الرّئيس بيرس,بعض المعلّقين السّياسيّين قالوا عنها: إنّها هَدَفٌ مُحْكَمُ صَوَّبَهُ أبو مازن بلباقة ورشاقة في مَرْمَى نتنياهو,فَأرْبَكَهُ وأزعجه, وأشار الكاتب الى التّمييز المقصود تجاه أبناء الأقلّيّة العربيّة في وطنها,ابتداءً من المدارس حيث يُعَلَّمُ طلابُنا  العبريةَ من الصّفوف الدّنيا, في حين ينظرون إلى لغتنا وحضارتنا كَلُغَة عَدُوٍّ,ومن يتعلّم العربية يستهزئ بذلك,ولا يجيد تركيب جملة مفيدة واحدة,حتى لو تقدّم للبجروت في خمس وحدات عربيّة!بعض الكتّاب والشّعراء العبريّين,مثل:  روعي حسن, إيرِز بيطون وغيرهما , يرفعون اليوم أصواتهم عاليةً ضد التّمييز والإجحاف الّلاحق بحضارتهم العربيّة, فَكَم بالأحرى فيما يتعلّق  بِلغتنا , حضارتنا وتاريخنا العربي المُهَمّش عمداً على مرّ السنين! التّغيير يجب أن يبدأ من هنا,يقولون لا شريك للسلام في الجانب العربي ! ,وأنا أقول العكس هو الصّحيح,طالما أن  ننياهو رئيس حكومة , ليبرمان وزير الحرب,ولا وزير للخارجية,ومواصلة الاستيطان ,فالجاتب المُعَطِّل , هو الجانب الإسرائيلي,وهو الذي لا يُكَوِّنُ شريكاً !

*بودّنا أن  نُشير إلى أنّ هذه اللقاءات الودّيّة ,تكون بين  ألنّدّ وأخيه ,لا يتكبّر ولا يتجبّر جانب على آخر,ولا يشمخ بأنفه تيهاً واختيالاً ,الدِّين لله والوطن للجميع! نُوَدِّعَ الكاهن الصّادق:آبي,ونُرَحِّبَ بالكاهنة الجديدة :نتالي! على أمل مواصلة مسيرة العطاء المشترك, معاً وسويّاً , يداً بِيَد, وإلى الأمام قُدُماً .

**تحيّة مودّة وتقدير للعربي المسليحي,د ,سميح غنادري,الشّهم الأبيّ الذي يضع النّقاط على الحروف في هذا الزمن الرديء,في مقالته/دراسته,حديث الناس 7/10/2016 , ومجلّة الحنونة الأردنيّة: من وعن تراثنا العربي المسيحي-الإسلامي:كخيوط التّطريز على ثوب المرأة الفلسطينيّة,,هذا هو صهر أبي سلام ,صاحب :لكع بن لكع ,المتشائل والباقي في حيفا…..أنتَ توحّد عربنا,تجمع شملهم ,تفقأ عيون الشّامتين الانتهازيّين والمتحجّرين الطّائفيّين, نعتزّ بهذه القامة الشّامخة التي تَشْرَئِبّ شموخاً وشهامة,الخزي والعار للانعزاليّين المتقوقعين في محارات ضيّقة,ودام هذا القلم الأمل منارة للجميع في حلكة الظّلام والظّلاّم. هذه المقالة خير من ألف مقالة غيبيّة, تكفيريّة,سلفيّة ,مدسوسة , رجعيّة , مُتَخَلِّفة,وكفى تجارة بالإسلام والإسلام الحقيقي منهم براء ! وسلام لكَ وسلام عليك,كما يقول السّيد يحيى أبو زكريّا! وَ: أ,ل,م…ألم ,ومع الحديث النبوي العَطِر: إذا عجِزتْ أمّتي أن تقول للظالم يا ظالِم,فقد تُوُدِّعَ منها !scan_pic0006untitleduntitled2

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .