يوم ٢٤ اكتوبر ٢٠١٦ دعانا صديق لجولة في بعض مناطق الرّيف الأمريكي، وعلى أطراف ولاية وسكنسن مرّ بنا على مزارع أغنام لشراء خروف سنعمل عليه حفل شواء، مررنا هناك بثلاثة مزارع متجاورة لمربّي الأغنام، واحدة لشيخ ثمانينيّ، واثنتان لابنتيه وزوجيهما، مساحة كلّ مزرعة من آلاف الدونم، عند مدخلها بيت أنيق لأصحابها، وبجانبه “براكسات” لحفظ الأعلاف من الأمطار والثّلوج، والأعلاف هي بالات برسيم، وهناك بيت لكلاب الرّعي، المزرعة مقسّمة لحظائر، منها حظيرة للخراف المعدّة للبيع، في كلّ مزرعة آلاف الأغنام، التي يجري تقسيم الأرض لها لتنتقل من جزء لآخر كي ترعى الأعشاب، طبعا لا يوجد تسمين، وفي كل مزرعة يمرّ جدول مائي تشرب منه المواشي.
توقّفنا عند مزرعة إحدى البنات، التي اعتادت على التّرحيب بزبائنها، خرج زوجها بعدها بقليل، في حظيرة الخراف المعدّة للبيع هناك خراف متفاوتة في أوزانها، سعر الخروف مائتي دولار بغضّ النّظر عن وزنه. هناك مكان للذّبح والسّلخ، اشترينا خروفا، وذهبنا لشوائه في متنزّه عامّ قريب من المزرعة المتواجدة في منطقة تعتبر من البراري، لكنّها زراعيّة، شاهدنا حقول الذّرة، الشّوارع معبّدة، والخدمات متوفّرة من كهرباء، ماء، انترنت.
مساحة المتنزّه حوالي عشرة دونمات على شكل مستطيل، يحيط به شارع معبّد، بعده غابة من الأشجار المعمّرة الكثيفة، في المتنزّه أشجار غابات معمّرة أيضا، ما بين الأشجار خال من الأعشاب، فيه مقاعد خشبيّة وطاولات للجلوس، مراجيح وسحاسيل للأطفال. هناك مناقل للشّواء ترتفع حوالي متر عن الأرض، وفي طرف المتنزّه مراحيض عامّة للنّساء وللرّجال، وفيها ورق تواليت رغم أنّها عامّة وموجودة في براري.
في وسط المتنزّه خزانة كتب لها أبواب زجاجية، مكتوب على أعلاها” مكتبة متنزّه صغيرة” ومكتوب أيضا:”خذ كتابا وضع كتابا آخر”، في الواقع أنّ هذه المكتبة أدهشتني بمكان وجودها، لكن من كانوا معي ويعيشون في أمريكا أكّدوا لي بأنّ هكذا مكتبات موجودة في متنزّهات كثيرة! هناك من يأخذ كتابا، يطالع فيه، وعند انصرافه يعيده إلى مكانه، لا أحد يسرق الكتب، ولا أحد يمزّقها، وحتّى الأطفال الذين يتأرجحون ويتسحسلون لا يؤذون الكتب.
عندما حلّ المساء، لاحظت أن لا إضاءة في المتنزّه الذي يفتح أبوابه من الثّامنة صباحا وحتّى العاشرة ليلا، لكنّ مكتبته استثناء، فهناك ضوء كشّاف يضيئها ويضيء محيطها.
تجدر الاشارة انه صدر مؤخرا عن مكتبة كل شيء الحيفاوية، كتاب”يوميات الحزن الدّامي” للأديب المقدسيّ جميل السلحوت، ويقع الكتاب الذي يحوي يوميّات تسجيليّة لحوادث دامية من سيرة الشّعب الفلسطيني في118 صفحة من الحجم المتوسّط.
ممّا يذكر أنّ السلحوت روائي معروف صدرت له عشرات الكتب